ينكر لها عرشها فنكر فلما قدمت وكان من أمرها ما قصّ الله به (قِيلَ) لها (أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ).
ثم أمر سليمان عليه السّلام بالصرح وقد عملته الشياطين من زجاج كأنّه الماء بياضا ثم أرسل الماء تحته ووضع سريره فيه وجلس «و (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ) وأراد بذلك أن يريها ملكا أعظم من ملكها.
فلما رأته حسبته لجّة وكشفت عن ساقيها وجعلت تسأله حتى سألته عن الربّ جلّ جلاله وأخبرها ثم دعاها الى عبادة الله ونهاها عن عبادة الشيطان من دون الله وذكرها بأيام الله عز وجل فقالت عند ذلك (إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وحسن اسلامها.
فلما فرغ من أمرها قال لها : اختاري لنفسك رجلا من قومك أزوّجك به.
فزوجها (ذا تبع) ملك همدان باختيارها وردّها الى اليمن ، فلم يزل ذو تبع ملكا باليمن الى أن قبض سليمان عليه السّلام.
قال وجلس سليمان يعرض الخيل لبعض الغزوات وكانت تعجبه فتشاغل بعرضها عن التسبيح حتى غابت الشمس وكان عددها أربعة عشر رأسا فلما أمسى ندم على ما صنع وقال : شغلتني الخيل عن ذكر ربي فأمر بها فعوقبت وضربت أعناقها.
فروي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام انّه قال قتل الخيل عند الله أعظم عن ترك التسبيح.
قال : فسقط خاتمه من اصبعه وكان حلقة من ياقوت أحمر من الجنّة عليها صورة كرسي فأعاده إلى اصبعه فسقط ثلاث مرّات فقال له آصف : انّه لن يتماسك الخاتم في يدك أربعة عشر يوما بعدد الخيل التي قتلتها فادفع إلي الخاتم حتى أقوم مقامك وأهرب الى الله عز وجل وآخذ بالاستغفار والتوبة. وكانت هذه اشارة من آصف عن نفسه.
وقال له : اني أسير في رعيتك وأهل بيوتك بسيرتك الى ان ترجع.
فدفع سليمان الخاتم الى (آصف) فلما جعله في اصبعه ثبت. فأقام في ملك سليمان يعمل عمله ، وألقى الله عليه شبه سليمان عليه السّلام فلم يفقد سليمان أحد من الناس إلّا حرمه.