ثم رفع سليمان إلى مجلسه ، فلما بصر به قام على رجليه وتنحى له من مجلسه حتى جلس فيه فأخذ الخاتم ووضعه في يده فثبت.
وحدثه آصف بما عمل في تلك الأيام التي غاب فيها فدعا سليمان ربّه وناجاه وقال يا ربّ أتخوّف ان يعلم بنو اسرائيل بما كان مني فتنقص منزلتي عندهم «ف (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) ، فاعطي زيادة في ملكه وسخّر الله له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ثم أوحى إليه في تلك الحال (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) ثم أثنى الله عليه عند أهل مملكته وعالمه ان له عندنا لزلفى وحسن مآب ، وكان إذا أراد الركوب أمر بجمع العسكر وضربت له الخشب ثم جعل عليه الناس والدواب وآلة الحرب كلّها حتى اذا حمل على ذلك الخشب كلّ ما يريد أمر الريح فدخلت تحت الخشب وحملته حتى ينتهي به الى حيث يريد.
وروي انّه خرج في وقت من الأوقات من بيت المقدس على هذه السبيل عن يمينه ثلاثمائة كرسي عليها الانس وعن يساره ثلاثمائة ألف كرسي عليها الجن وأمر الطير فأظلتهم والريح تحملهم حتى ورد (المدائن) من يومه ثم رجع فبات ب (اصطخر) ثم غدا فانتهى الى (جزيرة كاوان) ثم أمر الريح أن تحفظهم حتى كادت أقدامهم تلحق الماء فقال بعضهم لبعض هل رأيتم ملكا أعظم من هذا؟.
فروي انّه مر برجل حراث من بني اسرائيل فلما رأى الرجل ذلك الملك قال : الحمد لله لقد أوتي آل داود ملكا عظيما.
فألقت الريح الكلام في اذن سليمان فمال إليه فلما رآه فزع فقال له : سليمان أي شيء قلت؟
فجحد ما قاله. فلم يزل به الى أن قال : قلت : الحمد لله أكثر ممّا أوتي داود آل داود.
وكان لسليمان ثلاثمائة زوجة مهيرة وسبعمائة سرية وملك مشارق الأرض ومغاربها وملك سبعمائة سنة وست عشرة سنة وستة أشهر ولم يزل يدبر أمر الله جل وعز فلما حضرت وفاته أوحى الله إليه ان يجعل وصيّه والمواريث والنور والحكمة الى (آصف بن برخيا) فأوصى وسلّم إليه ذلك ومضى عليه السّلام وكان في قبّة زجاج فكان من قصته ما نبأنا