قال : فخسف بها ، قال : فأخذتها الأرض حتى غيبت قدميها ، قال : فصاحت ، ووقع الرأس والطبق عن رأسها ، ثم غيّبتها [إلى أنصاف ساقيها وهي تصيح. قال : فذهب الصريخ إلى أمها : أدركي ابنتك ، قد خسف بها ، قال : فجاءت تسعى ، فوجدتها في الأرض قد أخذتها والجويرية تصيح ، فجعلت الأرض تغيبها حتى بلغت سرّتها ، ثم غيبتها](١) حتى بلغت ثدييها ، ثم غيّبتها حتى بلغت منكبيها (٢) ، فلما خشيت أمّها أن تغيبها الأرض قالت للسيّاف : اقطع لي رأسها تكون عندي ، قال : فضرب السيّاف رأسها ، فإذا قد رمى به قال : فلمّا وقع الرأس لفظتها الأرض ، فطرحتها فلم يزالوا بعد ذلك في الذل حتى بعث الله بخت ناصر عقوبة لقتل يحيى بن زكريا ، قال : فدخل دمشق من باب توما وباب الشرقي ومضى حتى أتى الدرج فصعد فجلس على الكنيسة فوجد دم يحيى بن زكريا يغلي ويفور ويسيل قال : فعجب لذلك ، ثم قال : ما بعثت إلّا لأنتصر (٣) لهذا الدم ، فما أزال أقتل عليه أبدا حتى يسكن ويغيب ، قال : فدعا بكرسي فنصبه وجلس عليه ، ثم أمر بالسيّافين فقاموا ثم أمر بهم أن يأتوا عشرة عشرة مكتّفين قال : فيضرب أعناقهم على الدم ، والدم يغلي ويفور ويسيل ، قال : ففعل يومه ذلك إلى الليل ، قال : ثم غدا اليوم الثاني فقتل عليه حتى الليل ، قال : والدم يغلي ويفور. قال : ثم غدا عليه اليوم الثالث ، قال : فقتل عليه حتى قتل خمسة وسبعين ألفا ، قال سعيد : هي دية كلّ نبي ، قال : فجاء نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له إرميا فوقف على الدم فقال : أيّها الدم ، دم يحيى بن زكريا فنيت بنو إسرائيل والناس فيك ، قال : فسكن الدم ورسب حتى غاب ، قال : فأمر بالكرسيّ فرفع ، ورفع السيف ، قال : وهرب من هرب منهم إلى بيت المقدس ، قال : فتبعهم إلى بيت المقدس حتى دخلها وخرّبها ، وقتل فيها وسبى ، ثم رجع (٤)(٥).
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك للإيضاح عن «ز» ، وم.
(٢) بالأصل : منكبها ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٣) الأصل : لننصر ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٤) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٦ من طريق ابن عساكر.
(٥) رفض الطبري في تاريخه ١ / ٥٨٩ وابن الأثير في كامله ١ / ٣٠٣ وقوع قصة بختنصر وغزوة بني إسرائيل أيام المسيح قال ـ والقول للطبري ـ وهذا القول الذي روي عمن ذكرت هذه الأخبار التي رويت وعمن لم يذكر في هذا الكتاب ، من أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا عند أهل السير والأخبار والعلم بأمور الماضين في الجاهلية ، وعند غيرهم من أهل الملل غلط. وأجمعوا على أن غزوة كان عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد إرميا ، وبين عهد إرميا وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة.