وعلى ودهم لو زيد في عمرك أعمارهم لسيرتك بهم وحسن رأيك ، ومحبتك لهم ، وقد رأيت أمرا أنكرته ، وهم أهل الكوفة ، خدعوا أباك ، وقعدوا به وخذلوه ، فأنشدك الله والرحم أن تفجع (١) قومك بك ، قال : وهو صامت لا يتكلم ، حتى إذا فرغت من كلامي قال : يا أبا إسحاق ، خرج بنا أسيرين عن غير ذنب ولا جرم ولا خيانة (٢) ، فشق بنا الحجاز ثم أرض الشام ، ثم أرض الجزيرة إلى العراق إلى تيس من ثقيف يلعب بنا ، وأنشد زيد بن علي يقول :
بكرت تخوّفني الحتوف كأنني |
|
أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل |
فأجبتها إن المنية منهل |
|
لا بد أن أسقى بكأس المنهل |
إنّ المنية لو تمثّل مثّلت |
|
مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل |
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي |
|
أنّي امرؤ سأموت إن لم أقتل |
أستودعك الله أبا إسحاق ، أعطي الله عهدا إن أدخلت يدي في طاعة لهؤلاء ما عشت ، فافترقنا وتغيب.
وبلغ هشام بن عبد الملك تغيّبه ، فقال سالم : يا أمير المؤمنين ، قد والله كان قال لي حيث أعلمته أنه لا بدّ له من الشخوص إلى يوسف بن عمر : ما أحب الحياة أحد إلّا ذلّ فقال هشام : ويحك ، كيف لم تخبرني؟ والله لو أخبرتني لحقنت دمه ، ولوصلت رحمه.
قرأت (٣) على أبي الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه ، عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبّار ، أنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الباقي (٤) بن عبد الكريم بن عمر ، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد ، نا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، نا جدي يعقوب ، حدّثني أحمد بن كثير ، حدّثني أبو نعيم ، أخبرني عمر بن نجيح صاحب لنا عن محمّد بن علي السّلمي قال :
خطب زيد بن علي إلينا على ابنه (٥) ، فكنت أنا الذي أرد عليه ، فكان في بعض ما تكلم أن قال : أما بعد ، فإني يحيى بن زيد في الجهة العليا من قومه والعينين الناظرتين (٦) ، وهو
__________________
(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المختصر : أن لا تفجع قومك بك.
(٢) كذا بالأصل ، وبدون إعجام في م ، وفي «ز» ، والمختصر : جناية.
(٣) كتب فوقها في «ز» «س» بحرف صغير.
(٤) كذا بالأصل «بن عبد الباقي» وليست في م و «ز».
(٥) الأصل : «أبيه» والمثبت عن «ز» ، وم.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الناظرين.