إلى أية حجة موثوقة متعلقة بهجرة أجناس ناطقة بالعربية إلى بلاد العرب ، فضلا عن حصول شرح ما قدمته الرواية العربية من معطيات. لكن هذا الأمر يدل على أن المؤرخ الحديث إذا ما افتقد المصادر الأثرية الجادة ، فهو يبقى مرتبطا وحتى تابعا للجهاز التقليدي ، سواء توخى موقف القبول السلبي ، أو الشك أو التخيل التأويلي. على أننا نؤسس مقولتنا على ثنائية من المفاهيم كثيرة الفعالية ، نعني السكان الأصليين والمهاجرين ، وهي ثنائية مستنبطة بداية من جملة من الحالات التي استجدت في سياق التاريخ الإنساني.
إذا ما وقعت هجرة للعرب الأوائل إلى شبه الجزيرة ، للاستيلاء عليها ، إن صح القول ، فلا بد أن دخول الإبل (١) إلى المنطقة خلال الألفية الثانية ، قد يسر الأمر ، ونتج عن ذلك تعمير جديد مكثف ، وحتى «ترحيل» إذا ما قبلنا بوجود هجرة في الاتجاه المقابل خلال العصر الحجري الجديد ، انطلاقا من «بلاد العرب» من سلالة الأمم المعروفة بأنها سامية (٢).
لقد ظهر العرب الأوائل في التاريخ خارج شبه الجزيرة سنة ٨٥٣ ق. م من خلال النقوش المسمارية التي ورد فيها أن ال ع ـ ر ـ ب ـ ا ـ ا جنديبو جلب ١٠٠٠ من الإبل من بلاد أرب لمقاتلة الأشوريين بمعركة قرقر (٣). وانطلاقا من هذا التاريخ وعلى امتداد الألفية الأولى ، فقد دون علم الأسماء ١٤٦ إسما مصدرها العرب الأوائل ، الأمر الذي يدل على تسرب مهم مستمر إلى بلاد الرافدين. لكن يبدو أن تسعة أسماء فحسب يمكن تصنيفها بلغة العرب الأوائل ، بمقتضى أضمن معيار ، نعني المعيار الصوتي (٤). انفردت المصادر العربية للرواية التاريخية بنقل أسماء للآلهة ، منها أوال وازر (٥) ، وقد وجدت تلك الأسماء ب ن الأسماء الأمورية في بابل بالنسبة لعصر النصف الأول من الألفية الثانية. ويوجد أيضا إسم مناة الذي يرجع إلى منطقة حرّان. وقد وصف أشخاص عديدون بأنهم : «ع ـ ر ـ ب ـ ا ـ ا» أو «ع ـ ر ـ ب ـ ي ـ و» ، دون أن يتسموا بأسماء عربية ، وذلك يعني من بين ما يعني أنه جرى
__________________
(١) M. Rodinson, Mahomet, p. ٢٣; R. W. Bulliet, The Camel and the Wheel, Passim; J. Chelhod, op. cit., p. ٨٢. (٢) H.Winckler ,Altorientalische Forschungen , وقد اقتبس عنه كايتاني. راجع : Caetani ,Annali ,II ,٢ ,.pp.١٦٨ ff.
(٣) راجع W.Caskel ـ A.Grohmann ,art» Arab «,E.I. / ٢. ؛ وكذلك : Ran Zadok,» Arabians in. bians in Mesopotamia during the late ـ Assyrian ـ ـ ـ «. Z. D. M. G., ١٨٩١, ١٣١, ١, p. ٧٥.
(٤) Ibid.,p.١٨. على أن مؤلف هذا البحث لم يعتبر عربية صرفا سوى الأسماء التي مصدرها «الجنوب الغربي السامي».
(٥).Ibid.,p.٠٥