قال (١) عبد الملك بن مروان للهيثم بن الأسود : ما مالك؟ قال : الغنى عن الناس ، والبلغة الجميلة (٢) ، فقيل له : لم لم تخبره بحاجتك؟ قال : إن أخبرته أني غني حسدني ، وإن أخبرته أني فقير حقرني (٣).
قال الشعبي :
قلت للهيثم بن الأسود : أي الثلاثة أشعر منك ومن الأعور الشّنّي (٤) وعبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، حيث تقول أنت (٥) :
وأعلم علما ليس بالظن أنه |
|
إذا زال مال المرء فهو ذليل (٦) |
وإن لسان المرء ما لم تكن له |
|
حصاة على عوراته لدليل |
أم الأعور الشني حيث يقول (٧) :
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده |
|
فهل بعد (٨) إلّا صورة اللحم والدم |
وكائن ترى من ساكت لك معجب (٩) |
|
زيادته أو نقصه في التكلم |
أم عبد الرحمن بن حسان حيث يقول :
ترى المرء مخلوقا وللعين حظها |
|
وليس بأحناء الأمور (١٠) بخابر |
__________________
(١) الخبر رواه البلاذري في أنساب الأشراف ٧ / ٢٣١ من طريق المدائني وتهذيب الكمال ١٩ / ٣٣٤.
(٢) في أنساب الأشراف : «قوام من عيش» بدلا من «والبلغة الجميلة».
(٣) زاد البلاذري في آخر الخبر معقبا : وقوم يقولون إن الهيثم قال هذا لمعاوية والثبت أنه قاله لعبد الملك.
(٤) هو بشر بن منقذ من عبد القيس ، يكنى أبا منقذ ، وهو أحد بني شن بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار ، شاعر ، كان مع علي بن أبي طالب رضياللهعنه يوم الجمل. انظر أخباره في المؤتلف للآمدي ص ٣٨ و ٦٠ والشعر والشعراء ص ٤٠٦.
(٥) كذا بالأصل ، والبيتان التاليان نسبا لطرفة بن العبد ، وهما في ديوانه ص ٨١ (ط. بيروت) من قصيدة يهجو عبد عمرو بن بشر ، وهو ابن عمه ، ومطلعها :
لهند بحزان الشريف طلول |
|
تلوح وأدنى عهدهن محيل |
والبيتان في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٣٤ ونسبا فيه إلى الهيثم بن الأسود.
(٦) عجزه في الديوان :
إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل
(٧) البيتان التاليان في المعلقات السبع ص ١٩٧ ونسبا لزهير بن أبي سلمى ، وهما ليسا في ديوانه ، وهما في جمهرة أشعار العرب للقرشي ص ٥١ من قصيدة زهير بن أبي سلمى البالغة أربعة وستين بيتا بتقديم الثاني على الأول.
(٨) جمهرة أشعار العرب : فلم يبق.
(٩) صدره في جمهرة أشعار العرب :
وكائن ترى من معجب لك شخصه
(١٠) أحناء الأمور : متشابهاتها.