سفيان ، فبقيت عنده ستة أشهر ، فقلت له : طال مقامي عندك ، ولي والدة ، فقال لي يعقوب : رددت الباب على والدتي ثلاثين سنة.
قال يعقوب بن سفيان : كتبت عن ألف شيخ وكسر ، كلهم ثقات (١).
روى عن حاتم القزّاز بسنده إلى أبي بكر الصّدّيق (٢) :
أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان إذا أراد أمرا قال : «اللهم خر لي واختر لي» [١٤٤١٩].
قال يعقوب بن سفيان (٣) :
كنت في رحلتي في طلب الحديث ، فدخلت إلى بعض المدن ، فصادفت بها شيخا احتجت إلى الإقامة عليه للاستكثار منه ، وكانت نفقتي قد قلّت ، وقد بعدت عن بلدي ووطني ، فكنت أدمن الكتبة ليلا ، وأقرأ عليه نهارا ، فلمّا كان ذات ليلة كنت جالسا أنسخ في السراج ، وكان شتاء ، وقد تصرّم الليل ، فنزل الماء في عينيّ ، فلم أبصر السراج ، ولا الكتب ، ولا البيت ، ولا النسخ الذي كان في يدي ، فبكيت على نفسي ، لانقطاعي عن بلدي ، وعلى ما فاتني من العلم الذي كتبت ، وما يفوتني مما كنت عزمت على كتبه. فاشتد بكائي حتى انثنيت على جنبي ، فحملتني (٤) عيناي ، فرأيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم في النوم ، فناداني : «يا يعقوب بن سفيان ، لم أنت كئيب؟» فقلت : يا رسول الله ، ذهب بصري ، فتحسّرت على ما فاتني من كتب سنّتك ، وعلى الانقطاع عن بلدي ، فقال : ادن مني ، فدنوت منه ، فأمرّ يده على عينيّ ، كأنه يقرأ عليهما ، ثم استيقظت ، فأبصرت ، وأخذت نسخي ، وقعدت في السراج أكتب.
قال محمّد بن إسماعيل الفارسي ، حدّثنا أبو زرعة الدمشقي قال (٥) :
قدم علينا رجلان من نبلاء الناس ، أحدهما وأرحلهما (٦) يعقوب بن سفيان أبو يوسف ، يعجز أهل العراق أن يروا مثله رجلا. وذكر الثاني : يريد حرب (٧) بن إسماعيل ، فقال : هو
__________________
(١) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨١ وتهذيب الكمال ٢٠ / ٤٣١.
(٢) رواه الذهبي في سير الأعلام ١٣ / ١٨٤.
(٣) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٤٣٦ (حوادث سنة ٢٧٧) نقلا عن ابن عساكر ـ باختلاف الرواية ـ ورواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٣٠ وسير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨١ ـ ١٨٢.
(٤) في البداية والنهاية : غلبتني عيني.
(٥) رواه المزي في تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٣٠ وسير أعلام النبلاء ١٣ / ١٨٢.
(٦) كذا رسمها في مختصر أبي شامة ، وفي تهذيب الكمال : «أرجلهما» وفي سير الأعلام «أجلهما».
(٧) في سير الأعلام : وذكر الثاني : حرب بن إسماعيل الكرماني.