وقال : الأنس مع الله نور ساطع ، والأنس مع الناس سمّ ناقع.
وسئل عن الكرم والجود ، فقال : الجود أن تتفضل بما لا يجب عليك ، والكرم أن تتفضل بما يجب لك.
وقيل له : ما بال المحبين يتلذّذون بالذل في المحبة؟ فأنشأ يقول :
ذلّ الفتى في الحبّ مكرمة |
|
وخضوعه لحبيبه شرف |
وقال : كنت عند ذي النون المصري يوما ، فجاءه رجل ، فقال : ما بال المحزون إذا تكامل حزنه لا تجري دموعه؟ فقال : إذا رقّ سلا ، وإذا انجمد سجا (١). ثم أطرق ، ورفع رأسه يقول :
إذا رقّ قلب المرء درّت جفونه |
|
دموعا له فيها سلوّ من الكمد |
وإن غصّ بالأشجان من طول حزنه |
|
علاه اصفرار اللّون في الوجه والجسد |
وأحمد حال الخائفين مقامهم |
|
على كمد يضني النفوس مع الكبد |
لعمرك ما لذّ المطيعون لذة |
|
ألذّ وأحلى من مناجاة منفرد |
قال أبو عبد الرّحمن السّلمي :
واعتل يوسف بن الحسين الرازي ، فدخل عليه بعض إخوانه ، فقال له : ما لك أيّها الشيخ ، وما الذي تجد؟ ألا ندعو لك بعض هؤلاء الأطباء؟ فأنشأ يقول :
بقلبي سقام ما يداوى مريضه |
|
خفيّ على العوّاد باق على الدهر |
هوى باطن فوق الهوى لج داؤه |
|
وأعيا رقي العزالى في السهر والجهر |
بليت بجبار يجلّ عن المنى |
|
على رأسه تاج من التيه والكبر |
قدير على ما شاء مني مسلّط |
|
جرى على ظلمي أمير على أمري |
[قال أبو بكر الخطيب :](٢)
[أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن علي الحيري ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت عبد الله بن عطاء يقول :](٣)(٤)
__________________
(١) في مختصر أبي شامة : «سحر» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٢) زيادة للإيضاح.
(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ بغداد.
(٤) الخبر التالي رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣١٨.