قال عوانة بن الحكم :
أتي الحجاج برجلين من الخوارج ، فقال لأحدهما : ما دينك؟ قال : دين إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، قال : يا حرسيّ اضرب عنقه. ثم قال للآخر : ما دينك؟ قال : دين الشيخ يوسف بن الحكم ـ يعني أبا الحجاج ـ قال : ويحك! اخترته ، لقد كان صوّاما قواما ، يا حرسيّ ، خلّ عنه. قال : ويحك يا حجاج ، أسفهت نفسك (١) ، وأثمت بربّك؟ قتلت رجلا على دين إبراهيم ، وقد قال تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ)(٢) [سورة البقرة ، الآية : ١٣٠] قال : أبيت؟! يا حرسيّ اضرب عنقه ، فانطلق به ، فأنشأ يقول :
سبحان ربّ قد يرى ويسمع |
|
وقد مضى في علمه ما يصنع |
ولو يشاء في ساعة بل أسرع |
|
فيرسلن عليك نارا تسطع |
فيترك السرير منك بلقع (٣) |
فضربت عنقه.
قال علي بن أبي حملة :
شهد الحجاج مع أبيه الحرّة مع بعث مسلم بن عقبة.
قال الزبير : حدّثني محمّد بن الضحاك عن أبيه قال (٤) :
كان الحجاج بن يوسف وأبوه في جيش حبيش بن دلجة لقي حنتف بن السجف (٥) بالربذة ، فهرب ذلك يوم حجاج وأبوه مترادفين على فرس.
__________________
(١) سفه نفسه ورأيه وحمله سفها وسفاهة حمله على السفه ، أو نسبه إليه أو أهلكه ، قال أبو عبيدة : معنى سفه نفسه أهلك نفسه وأوبقها (تاج العروس : سفه).
(٢) قال بعض النحويين أي صار سفيها في نفسه ، وقال الزّجّاج : سفه هنا في هذه الآية بمعنى جهل ، والمعنى إلّا من جهل نفسه. (انظر تاج العروس : سفه).
(٣) البلقع : والبلقعة الأرض القفر التي لا شيء بها. يقال : منزل بلقع ودار بلقع.
(٤) انظر تاريخ الطبري ٣ / ٤٢٤ والبداية والنهاية ٦ / ١٣ والإمامة والسياسة ٢ / ٢٥.
(٥) وكان الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة قد بعثه مددا من البصرة في تسعمائة رجل ، إلى عباس بن سهل الساعدي الذي سار من المدينة إلى لقاء حبيش بن دلجة.