فقال الله له : إن أيام يوشع مخرجتك من الدنيا ، فقال : يا رب ، فأنا أكون ممن قبل يوشع ، فقيل له : فاصنع به كما كان يصنع بك ، فقال : نعم. وكان من رسم يوشع أن ينبّه موسى للصلاة ، فجاء موسى إلى باب يوشع ، فقال : يا يوشع ، فضرب الله على أذنه ، فلم ينتبه ، وجعل بنو إسرائيل يمرّون على موسى ، فقال : يا رب ، مائة موتة أهون من ذلّ ساعة. وانتبه يوشع ، فلما رأى موسى فزع (١) وقال : يا نبي الله ، أنت واقف هاهنا؟! ومضى موسى إلى الجبل ، واتبعه يوشع ، فجعل موسى يوصيه : اصنع ببني إسرائيل كذا ، وافعل كذا. ثم قال له : ارجع [فأبى](٢) ، قال : فخلع موسى نعليه ، فرمى بهما ، فقال : جئني بنعليّ ، فذهب ليجيء بهما ، فأرسل الله نورا حال بين يوشع وموسى ، فلم يصل إليه ، فرجع يوشع إلى بني إسرائيل ، فأخبرهم ، فجاءوا إلى الموضع من الجبل فإذا موسى قد قبض ، وقد رصفت (٣) الحجارة عليه.
قال أحمد بن أبي الحواري حدّثنا مروان عن سعيد بن عبد العزيز قال :
لمّا كان قبل موت موسى انقطع الوحي عنه ، ونزل جبريل إلى يوشع. قال : وكان إذا خرج موسى إلى البيعة (٤) إلى الحكم بين بني إسرائيل توكأ على يوشع ، فإذا جلس في البيعة قام يوشع على رأسه. قال : فلما نزل الوحي إلى يوشع ، وخرج إلى البيعة للحكم بين بني إسرائيل توكأ على موسى ، فلمّا أن دخل البيعة للحكم بينهم قام موسى على رأسه. قال : فقال موسى : يا رب ، إنّي لا أطيق هذا الذلّ كله ، فاقبضني إليك.
وعن سفيان بن عيينة عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال (٥) :
لمّا أمر موسى بالمسير إلى قرية الجبارين ، واسمها أريحا (٦) ـ ، فلما دنا منها بعث اثني عشر رجلا من أصحابه رؤساء اثني عشر سبطا ، فلمّا دخلوا قرية الجبّارين دخل منهم رجلان حائط رجل من الجبّارين ، فجاء ، فدخل الحائط ، فأبصر آثارهما ، فأتبعهما حتى أخذهما ،
__________________
(١) في مختصر ابن منظور : «فرح» والمثبت يوافق الجليس الصالح.
(٢) زيادة عن الجليس الصالح.
(٣) في مختصر ابن منظور : وضعت.
(٤) البيعة : بيت العبادة.
(٥) انظر البداية والنهاية ١ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤.
(٦) في مختصر أبي شامة : يريحا ، والمثبت عن البداية والنهاية وتاريخ الطبري.