وكان هشام يفرح إذا سبق بالخيل فرحا شديدا.
قدم شاعر على هشام فأنشده (١) :
رجاؤك أنساني تذكّر إخوتي |
|
ومالك أنساني بحرسين (٢) ماليا |
فقال هشام : ذلك أحمق لك.
قال المسور بن مخرمة :
قال عمر بن الخطاب (٣) لعبد الرحمن بن عوف : ألم يكن فيما تقرأ : قاتلوا في الله في آخر مرة ، كما قاتلتم فيه أول مرة؟ قال : متى ذاك؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء ، وبنو مخزوم الوزراء.
لما (٤) بنى هشام بن عبد الملك الرّصافة قال : أحب أن أخلو يوما لا يأتيني فيه خبر غمّ ، فما انتصف (٥) النهار حتى أتته ريشة دم من بعض الثغور ، فأوصلت إليه ، فقال : ولا يوما واحدا (٦)؟! قال الهيثم :
كان هشام بن عبد الملك جبارا ، فأمر أن يفرش له في قصر بين شجر وكروم ، وصور من النبت ، ففرش بأفخر الفرش ، وأحضر ندماءه ، وأمر الحجاب بحفظ الأبواب ، فبينا هو جالس إذا أقبل رجل جهير الصوت ، جميل ، كأن الشمس تطلع من ثيابه ، فشخص هاشم ينظر إليه متعجبا من هيئته ، فألقى إليه صحيفته ، ثم ذهب ، فلم ير ، فإذا فيها : بئس الزاد إلى
__________________
(١) البيت في معجم البلدان «حرس» ونسبه للراعي ، وهو في ديوان الراعي النميري ص ٢٩٠ من قصيدة طويلة يمدح هشام بن عبد الملك بن مروان.
(٢) في الديوان : بوهبين. قال ياقوت في معجم البلدان : حرس ثانيه ساكن ، من مياه بني عقيل بنجد ، وقيل هما ماءان اثنان يسميان حرسين ، وهناك مياه عدة تسمى الحروس. قال ثعلب بعد ما ذكر قول الراعي : إنما هو حرس ماء بين بني عامر وغطفان بين بلديهما. وإنما قال : «بحرسين» لأن الاسمين إذا اجتمعا وكان أحدهما مشهورا غلب المشهور منهما.
(٣) بالأصل : عبد الخطاب ، تحريف.
(٤) الخبر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٥٠٣ نقلا عن أبي عبد الله الشافعي. ورواه الذهبي في سير الأعلام ٥ / ٣٥٢ من طريق حرملة : حدثنا الشافعي وذكره. وتاريخ الخلفاء ص ٢٩٧ وتاريخ الإسلام (١٢١ ـ ١٤٠) ص ٢٨٤.
(٥) في سير الأعلام : تنصّف.
(٦) سير الأعلام : يوم واحد.