سألت الله سبع حوائج ، فقضى لي منها ستا ، والواحدة ما أدري ما صنع فيها :
سألته أن يغفر لي ولوالدي ، وهي التي لا أدري ما صنع فيها. وسألته أن يرزقني الحج ففعل. وسألته أن يعمّرني مائة سنة ففعل (١) ، وسألته أن يجعلني مصدّقا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٢) ففعل ، وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل ، وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل ، وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالا ففعل. فقيل له : كل شيء قد عرفناه فألف دينار حلال ، من أين لك؟ قال : وجه المتوكل ببعض ولده ليكتب عني لما خرج إلينا (٣) ، ونحن نلبس الأزر ، ولا نلبس السراويلات ، فجلست ، فانكشف ذكري ، فاره الغلام ، قال : استتر يا عم ، قلت : رأيته؟ قال : نعم ، فقلت له : أما إنه لا ترمد عينك أبدا إن شاء الله. فلما دخل على المتوكل ضحك ، فسأله ، فأخبره بما قلت ، فقال : فأل حسن تفاءل لك به رجل من أهل العلم. احملوا إليه ألف دينار ، فحملت إلي ، فأتتني من غير مسألة ، ولا استشراف نفس.
قال أبو علي صالح بن محمد الحافظ :
كنت عند هشام بن عمار بدمشق إذ جاءه رجل ، فقال : ممن أنت؟ قال : من بني مجداف ، قال : ثم من بني من؟ قال : ثم من بني سكان ، قال : ثم من بني من؟ قال : من بني دقل (٤) ، فقال هشام : لا أعرف هذا النسب في العرب ، فضحك. فقال هشام : مم تضحك؟ فقال : إنما هذا رجل جاء يطنز (٥) بك ، فقال هشام : ما أشركم يا أهل العراق.
قال أبو علي :
وجاءه رجل ، فقال هشام : ممن أنت؟ قال : من بني لازب ، فقال هشام : لا أعرف بني لازب في العرب ، ثم قال لي : تعرف بني لازب؟ قلت : إنما يسند إلى قول الله عزوجل (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) [سورة الصافات ، الآية : ١١]. فضحك هشام.
قال أبو بكر أحمد بن المعلّى (٦) :
__________________
(١) عقب الذهبي بعدها بقوله : قلت إنما عاش اثنتين وتسعين سنة.
(٢) في سير الأعلام وتهذيب الكمال : على حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٣) زيد في سير الأعلام : يعني لما سكن دمشق ، وبني له القصر بداريا.
(٤) الدقل : خشبة طويلة تشد في وسط السفينة يمد عليها الشراع (اللسان ـ تاج العروس : دقل).
(٥) طنز بك ويطنز بك : كلمة استهزاء ، مولد أو معرب (اللسان).
(٦) من طريقة رواه الذهبي في سير الأعلام ١١ / ٤٣٠ وتهذيب الكمال ١٩ / ٢٧٧.