قالوا : هذا البلد بلد حرام ، قال : فأي شهر هذا؟ قالوا : شهر حرام ، قال : هذا يوم الحج الأكبر ، دماؤكم ، وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا اليوم ، ثم قال : هل بلغت؟ قالوا : نعم ، قال : فطفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «اللهم ، اشهد ،» [١٤٣٦٨] ثم ودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع.
وحدث هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر : أن أقرع لابنة أبي عبيد وهي امرأته ، فسار مسيرة ليلتين في ليلة. فلما غربت الشمس قلنا : الصلاة ، أصلحك الله ، فسكت ، فتركناه ، وقلنا : هو أعلم. فلما اشتبكت (١) النجوم نزل فصلى المغرب ، ثم توضأ فصلى العشاء الآخرة ، ثم ركب ، فقال : دعوتموني إلى صلاة المغرب ، وإني سرت كما سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصليت كما صلى.
قال هشام بن الغاز : كنت جالسا مع مكحول في مسجد دمشق ، وسليمان بن موسى في ناس ناحية ، فسئل سليمان : أتقتل النصرانية المسلمة؟ فقال : لا ، فقال بعض جلسائه : بلى ، فالتفت إلى مكحول فقال : ألا تسمع ما يقول هؤلاء؟ يقولون : إن النصرانية تقتل المسلمة ، فما تقول؟ فالتفت إلي مكحول وقال : إنه لأحمق ، يسألني : تقتل النصرانية المسلمة؟ وأم القسري (٢) نصرانية ، وأم نمير نصرانية! والغاز : بالزاي (٣). والجرشي : بضم الجيم ، وفتح الراء ، وكسر الشين المعجمة (٤).
وكان هشام ثقة ، صالح الحديث (٥) ، من خيار الناس (٦).
توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقيل : سنة تسع وخمسين. وقيل : سنة ست وخمسين. وكان على بيت مال أبي جعفر (٧).
__________________
(١) كذا بالأصل.
(٢) يعني خالد بن عبد الله القسري.
(٣) الإكمال لابن ماكولا ٧ / ٣ وفيه : الغاز بالزي ، فهو : هشام بن الغاز بن ربيعة يروي عن مكحول وعبادة بن نسي وغيرهما ، يعد من الشاميين ، روى عنه الوليد بن مسلم وأبو خالد الأحمر وغيرهما.
(٤) الإكمال لابن ماكولا ٢ / ٢٣٥.
(٥) هو قول أحمد بن حنبل ، راجع تهذيب الكمال ١٩ / ٢٨٠.
(٦) قاله عبد الرحمن بن يوسف بن خراش ، كما في تهذيب الكمال ١٩ / ٢٨٠.
(٧) تاريخ بغداد ١٤ / ٤٤.