الفصل الرابع عشر
في التوجه إلى مكة المكرمة والاعتماد في
بلوغ المراد على الله وحده
ولما عزمت على التوجه إلى مكة المكرمة كلفني بعض الإخوان أن أبرق إلى مولانا الملك العادل بقدومي لأداء الفريضة ، فأجبته بأنه لا ينبغي لمن يكون قاصدا ملك الأملاك وضيف بيت الله الحرام أن يشرك معه غيره. كيف لا وهو الذي بيده الخير وهو على كل شيء قدير. فلم التفت لهذا التكليف وصح عزمي على عدم رفع البرقية سائلا منه تعالى أن يوفق جلالته لجمع كلمة هذه الأمة ولمّ شعثها كي يدفع عنها شر الأغيار الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يحفظون عهدا لأحد ، وليس العهد عندهم إن لم تكن قوة إلا قصاصة ورق كما هو معلوم لمن تتبع أحوالهم واقتفى أثر معاهداتهم ووعودهم لا سيما مع الشرقيين خصوصا العرب والمسلمين. هذا وقد أقمنا مدة ساعتين في الثغر المشار إليه حيث زادت بنا الأشواق فامتطينا سيارة أسرع من البرق إذا لمع ، قاصدين حرم حمى الله تعالى ، مسرورين فرحين مستبشرين بمغفرة من الله ورضوان وجنات فيها نعيم مقيم ، والدموع تتساقط من العيون تساقط الدر المنثور راجين منه تعالى أن يكون حجنا مبرورا ، وسعينا مشكورا ، منشدين هذا القول :
يا عين قد صار البكا لك عادة |
|
تبكين في فرح وفي أحزان |