الفصل الثامن عشر
في بيان أن نجاح الأمة الإسلامية متوقف على العمل
بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام
وإني أرى أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، وهو الاعتصام بما جاء به المصلح العظيم سيد الخلق على الإطلاق الذي بعث لأجل تتميم مكارم الأخلاق المنزل عليه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(١) الساعي في تأليف القلوب ، وارتباط العالم الإسلامي بعضه ببعض متوقف على العمل بما صرح به الكتاب العزيز (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(٢) وجاء به الرسول المبعوث رحمة للعالمين. وبغير المشي على منهاجه القويم ، والسير على صراطه المستقيم ، لا يمكن أن نفوز بالسعادة الأخروية ، كما أنه لا يمكن أن نفوز في المعترك السياسي فوزا عظيما ، ونقهر دعاة الاستعمار الأشرار الذين يتظاهرون بحب الإنسانية والشفقة على عباد الله ، مع أنهم ألدّ أعدائها ، وإنما تظاهروا بذلك توصلا إلى هدم صرح الإسلام المنيع والذي لا يمكنهم هدمه ، بل هو باق إلى يوم القيامة محروسا بعناية الله تعالى حيث بناه على أساس العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وغير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم.
__________________
(٥١) سورة القلم ، الآية ٤.
(٥٢) سورة آل عمران ، الآية ١٦.