نبذة من أخبار المتدينة
لم يتفق لنا أن نزلنا عند عرب في مدة ثمانية عشر يوما : «من ١٦ جمادى الثانية إلى ٣ رجب» إلا وقصوا علينا نبذة من أخبار المتدينة ، حتى وصلنا قرية «الحائط» وهي في شمال المدينة المنورة على مسافة أربع مراحل منها ، وهنالك مجمع أخبارهم ، ومشهد آثارهم ، وخلاصة ما اتصل بنا من أمرهم أن بعض وعاظ نجد ومرشديهم انبثوا في بعض القبائل والعشائر الحجازية ، وطفقوا يدعونهم إلى الله ويعلمونهم أحكام الصلاة والزكاة وينهونهم عن الغزو وأكل الحرام ، فاستجاب لهم بعض القبائل كبني سالم ، وكالشيخ متعب «والشيخ من عنزة» مع طائفة من قومهما فحسنت حالهم ، وصاروا يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، وتركوا الغزو والسلب ، وجلبوا كتبا في التوحيد والفقه من نجد يتعلمون بها أحكام دينهم ، ثم تبعهم بعض العشائر «كمطير ، وعتيبة وحرب وغيرهم» فباعوا إبلهم وغنمهم ومعزهم ، وبنوا القرى من أجل أن يتحضروا ويتفرغوا لعبادة ربهم ، وقالوا إن في اقتناء الوبر مشغلة عن طاعة الله عزوجل ، ثم اشتدت حاجتهم إليها لعدم وجود ما يغنيهم عنها ، وقد كانوا من قبل مولعين بالغزو ، وأشربوا في قلوبهم حب الأكل منه ، فراحوا يغزون تحت اسم «الإسلام» وسموا أنفسهم «المتدينة» و «الإخوان». وهم يعطون عميدهم من الغنائم الخمس ، وهو يحمي ظهرهم ، ويشد