الفصل الثاني والعشرون
في تحرير الخطبة التي خوطب بها صاحب
الجلالة الملك عند قدومه إلى مكة المكرمة
وقد تلاها بحضور هذا العاجز في بيت والده الكريم
فأحببت أن أنشرها في هذه الرحلة وهذه صورتها
السلام عليك يا صاحب الجلالة ورحمة الله وبركاته ، لقد أشرقت شمس طلعتكم على ربوع هذه الديار المقدسة ، فاستبشرت الوجوه ، وفرحت القلوب ، وقرّت الأعين ، ونادى منادي السرور مرحبا بكوكب فلك المجد ، وبدر أفق السعد ، مرحبا بخير قادم ، وأكرم وافد ، مرحبا بمقدم مليكنا المعظم بطل الإسلام ، وحامى ذمار الأمة العربية ، يا مولاي تنقلت من بلدة إلى أخرى كما يتنقل البدر في السماء ، فأرويت قلوبا عطشى إلى لقائك ، وقد كنت موضع الإجلال أينما حللت وحيثما سرت ، وكالغيث أينما وقع نفع. أي مليكنا المعظم إن الأمة إذا رأت في شخص مليكها سمات اليمن وخصال المجد ، كانت أولى أن تحوط ملكه بنفوسها وتحرسه بقلوبها ، وقد رأينا منك والحمد لله كل كمال يؤهلك لأن تسوس رعيتك أفضل سياسة ، فلا بدع إذا رأيتنا ملتفين حول عرشك فرحين بيوم قدومك ، داعين الله أن ينصرك نصرا عزيزا ، وهذه طبقات الشعب أتتك مهنئة بسلامة عودتك معبرة عما تكنه أفئدتها من الفرح والحبور في سبيل الله ، فارقت هذه الديار مزودا بالدعاء من الألسنة والقلوب لتتفقد أحوال رعيتك وتلم شعثهم وتهيب بهم إلى ما يعلي شأنهم ويصلح ذات بينهم ،