بالرحمات وغفران الخطيئات وظهر نسيم أحلى من الشفاء على القلب السقيم والنفحات الإلهية شملتنا جميعا ، وهنا تجددت الدعوات سائلين منه تعالى جمع كلمة المسلمين ونصرهم على أعدائهم الكافرين.
الفصل التاسع والعشرون
في حكمة مشروعية الحج
ولا يخفى أن هذا الاجتماع العظيم المؤلف من جميع الأقطار والمقتدى بإمام واحد يتحرك بحركته ويسكن بسكونه ، فيه إشعار بأن الأمة الإسلامية يجب أن تكون كتلة واحدة حتى لا تتعدى عليها الأغيار ، إذ أن الشارع سبحانه وتعالى لا يعود عليه نفع من هذا الاجتماع العظيم بل يعود على المجتمعين وليس المقصود من تلك الشعائر مجرد الوقوف والطواف ، إنما هي لأمر يعود علينا معاشر المسلمين من التعارف والتآلف وبث الشكوى والسعي الحثيث الموصل إلى سعادتنا الدنيوية والأخروية ، وتذكير الأبناء بسيرة الآباء الصالحين ، شكرا لله تعالى على تلك النعم التي لا تحصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(١) هذا وقد نفرت الحجاج تابعة لنفر الإمام ، وبقينا نحن المرضى نتقلب على جمر الانتظار لعلنا نذهب إلى جمع أعني
__________________
(٦١) سورة إبراهيم ، الآية ٣٤.