النبي عليه الصلاة والسلام كان يأكل مما يليه ، وفي هذا من الأدب ما لا يخفى ، ولو كانت الملاعق في بلاده عليه الصلاة والسلام ونهى عن الأكل بها ، وآثر الأكل باليد عليها لتم لهم ما يريدون ، ولكن كل ذلك لم يكن ، والمعقول أنها لو كانت في بلد النبي صلىاللهعليهوسلم لاستعملها ، لأنها أقرب إلى آداب الطعام التي كان يرمي إليها ، وإلى النظافة التي كان يحثّ عليها.
عود إلى وصف الطعام والمنام والركوب
قلنا إن طعامنا في مدة ثمانية عشر يوما إما أرز مع اللحم ، أو الأرز وحده ، أو التمر ، أو حليب النوق وحده ، والتمر وحده هو زادنا حيث لم نجد العرب ، وحليب النوق هو الذي نصطبح به عندهم ثم نبقى عليه إلى المساء أحيانا ، أما الخبز فلا أثر له هناك ، وأما الشراب فهو من ماء رملي وسخ جدا ، وهو الذي كانوا يطبخون به الطعام ، فيقع الرمل فيه تحت أسناننا وأضراسنا ، ولو كنا في الشام ، لأصابنا منه مرض عظيم ، ولكن المولى لطيف خبير. وقد كنا نتيمم كل هذه المدة لعدم تيسر الماء ونصلي جماعة على التراب ، وكنت أقصر الصلاة دائما ، وأجمع جمع تقديم وتأخير عند الضرورة ، وأما المركوب فظهور الإبل التي تحمل أثقالنا إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس ، وقد اعتدنا ركوبها وسهل علينا بالتمرن