وفضلهم على أهل ذلك الزمان ، لا سيما وقد من عليهم بالخلاص من رق العبودية والمذلة التي كانت الضربة القاضية عليهم ، إن هذا لشيء عجاب فانظر رحمك الله إلى هؤلاء القوم كيف قابلوا نعم الله بالكفر والعصيان مع أنهم كان يجب عليهم أن يقابلوها بالشكر والإذعان (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)(١) على أنهم عصوا الله تعالى حين أمرهم بدخول الأرض المقدسة وقالوا لرسوله موسى عليهالسلام إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون مع كونهم كانوا ستمائة ألف كما قيل ، فأوحي الله إلى نبيه أن يخبرهم أنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض وأمره بأن لا يحزن عليهم نظرا لفسقهم بعدم امتثال أمر الله مع كون نبيهم بين أظهرهم حيث قال (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ).
أما الأمة المحمدية فإن أولها ـ وهم من الصحب الكرام ـ حينما كانوا في غزوة بدر التي كانت مبدأ عز الإسلام وقد شاهدوا أن عدد المشركين أكثر من عددهم ، وذلك أنهم كانوا ألفا ومائتي مقاتل من صناديد كفار قريش وعظمائهم بخلاف الصحابة الذين كانوا مع المصطفى عليه الصلاة والسلام في غزوة بدر حيث كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا لا غير ، وقد استشارهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم كيف يصنع تطييبا
__________________
(٧٣) سورة إبراهيم ، الآية ٧.