أنه يشاء مثل هذا القدر ، على أنه ( يحتمل ) (١) أن يكون يمحو ما يشاء مما يثبته غيره ، وكذلك يثبت ما يشاء ، فمن أين أنه يمحو ما يثبته هو تعالى.
وقد قيل أن الحفظة تثبت على العبد معاصيه وطاعاته ، فيمحو الله سبحانه ما يشاء من المعاصي ، وهذا وان لم يكن معلوما ، فهو محتمل ، وبمثله يخرج الاحتجاج عن اليقين.
والجواب عن الثاني : لم لا يجوز أن يكون الأمر كان بمقدمات الذبح؟ ويكون الذبح ـ وان نطق به ـ غير مراد ، ويدل على ذلك قوله تعالى : « قد صدقت الرؤيا » (٢).
لا يقال : لو كان [ ذلك ] ، مرادا لما قال : « فانظر ماذا ترى » (٣) ولما قال : « ان هذا لهو البلاء المبين » (٤) ولما قال : « وفديناه بذبح عظيم » (٥).
لأنا نقول : غلب على ظن ابراهيم أن المراد الذبح ، فلهذا قال « ماذا ترى » وبواسطة ذلك الظن قال : « ان هذا لهو البلاء المبين ». وأما الفداء فقد يجوز أن يسمى بذلك وان لم يجب ذبح المفدى ، لمكان ظن ابراهيم أنه تعالى أراد الذبح.
والجواب عن الثالث : أنه خبر واحد ، لا يثبت بمثله مسائل الاصول ، على أن فيه طعنا على الانبياء بالاقدام على المراجعة في الاوامر المطلقة.
والجوب عن الرابع : أن الأمر والنهي يتبعان متعلقهما ، فان كان حسنا
__________________
١ ـ في نسخة : محتمل
٢ ـ الصافات / ١٠٥
٣ ـ الصافات / ١٠٢
٤ ـ الصافات / ١٠٦
٥ ـ الصافات / ١٠٧