لأنا نقول : لا نسلم اشتغال الذمة مطلقا ، لأن الاصل دال على خلوها ، فلا تشتغل الا مع قيام الدليل ، وقد ثبت اشتغالها بالاقل ، فلا يثبت اشتغالها بالاكثر ، [ والاشتغال بالاكثر ] مغاير للاشتغال المجرد ، ومغاير للاشتغال بالاقل فيكون الاشتغال بالاكثر والاشتغال المطلق منفيا بالاصل.
لا يقال : فان لم يثبت دلالة على الأكثر ، فانه من الممكن أن يكون هناك دليل ، ولا يلزم من عدم الظفر به عدمه ، فكان العمل بالاكثر أحوط.
لأنا نقول : ذلك الدليل المحتمل لا يعارض الاصل ، لأنا قد بينا أن مع تقدير عدم الدلالة الشرعية يجب العمل بالبراءة الاصلية ، وذلك يرفع ما أوما [ نا ] إليه من الاحتمال.
المسألة الثانية : إذا اختلف ( الامة ) (١) على قولين ، هل يجب الاخذ بأخفهما حكما بتقدير عدم الدلالة على كل واحد منهما ـ؟ صار إلى ذلك قوم وقال آخرون : بالاثقل ، والكل باطل.
واحتج الاولون : بالنقل والعقل.
أما النقل : فقوله تعالى : « يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر » (٢) وقوله : « ما جعل عليكم في الدين من حرج » (٣) وقوله عليهالسلام : « لا ضرر في الاسلام » وقوله : « بعثت بالحنيفية السهلة السمحة ».
[ و ] أما العقل : فلان احتمال الاخف مساو لاحتمال الاثقل في عدم الدلالة والاخذ ( بالاثقل ) (٤) احتياط لحق الله سبحانه ، وهو غني لا يتضرر ، وبالاقل
__________________
١ ـ في بعض النسخ : الامامية.
٢ ـ البقرة / ١٨٥.
٣ ـ الحج / ٧٨.
٤ ـ في نسخة : بالاكثر.