من أنكر وجوده في التوراة؟!.
المسألة الخامسة : الاستقراء : هو الحكم على جملة بحكم ، لوجوده فيما اعتبر من جزئيات تلك الجملة ، ومثاله : أن تستقرئ الزنج ، فتجد ( كل موجود منهم ) (١) أسود ، فتحكم بالسواد على من لم تره كما حكمت على من رأيته. وحاصله التسوية من غير جامع ، ومثاله من الفقهيات : إذا اختلف في الوتر ، فنقول : هو مندوب ، لأنه لو كان واجبا لما جاز أن يصلى على الراحلة (٢) ، لكنه يصلى على الراحلة ، والمقدم مستفاد من الاستقراء إذ لا شيء من الواجب يصلى على الراحلة ، والاستثناء معلوم بالاجماع.
وهل مثل ذلك حجة في الاحكام؟ الحق أنه ليس بحجة ، لأن موارد الاحكام مختلفة ، فلا يلزم من اختصاصها ببعض الاعيان ، وجودها في الباقي ، [ ولأن ثبوت الحكم فيما وجد ، قد يكون مع وجوده في الباقي ] ، وقد يكون مع فقده ، ومع الاحتمال لا يجوز الحكم بأحدهما دون الآخر [ و ] لأن وجود الحكم في فرد من أفراد النوع ، لا يلزم منه وجوده في باقى الافراد ، فكذا وجوده فيما هو أكثر من الواحد.
فان قيل : مع كثرة الصور يغلب الظن أن الباقي مماثل لما وجد والعمل بالظن واجب.
قلنا : لا نسلم أنه يغلب على الظن [ ان الباقي مماثل لما وجد ] ، إذ لاتعلق بين ما رأيت وما لم تره ، ولا بين ما علمته من ذلك وما لم تعلمه ، ولو سلمنا حصول الظن ، لكن الظن الحاصل من غير امارة لا عبرة به ، وليس وجود الحكم فيما رأيته من أجزاء الجملة ، امارة لوجوده في الباقي ، سلمناه ، لكن
__________________
١ ـ في بعض النسخ : الموجود منهم.
٢ ـ اضاف في نسخة : إليه.