الظن قد يخطئ فلا يعمل به الا مع وجود دلالة تدل عليه.
فان قيل : مع الظن يرجح في ذهن المجتهد ارادة الشارع لتعميم الحكم فتصير المخالفة مظنة الضرر.
قلنا : غلبة الظن المذكور معارض بغلبة الظن أن شرعية الحكم تستدعي الدلالة ، ومع ارتفاع الدلالة بغلب على الظن انتفاء الحكم ، فينتفي ظن الضرر على أن مع النهي عن العمل بالظن يزول ظن الضرر ، والنهي موجود بقوله : « ولا تقف ما ليس لك به علم » (١) وقوله : « ان الظن لا يغني من الحق شيئا » (٢).
المسألة السادسة : في المصالح.
المصلحة : هي ما يوافق الانسان في مقاصده لدنياه أو لاخرته أولهما ، وحاصله : تحصيل منفعة أو دفع مضرة ، ولما كانت الشرعيات مبتنيات على المصالح ، وجب النظر في رعايتها ، والمصالح تنقسم ثلاثة أقسام : معتبرة شرعا ، وملغاة ، ومرسلة.
فالمعتبرة : كتحريم القتل وشرع القصاص ، لاستبقاء الانفس ، وفرض الجهاد وقتل المرتد ، لحفظ الدين ، وتحريم الزنا واقامة الحد ، لحفظ الانساب ، والقطع في السرقة ، لحفظ الاموال.
والملغاة : كما يقال : الغنى في كفارة الوطء في نهار شهر رمضان عمدا يصوم شهرين ( تحتما ) (٣) ، لأن ذلك يكون أزجر له عن المعاودة ، لكن الشرع أسقط هذه المصلحة عن درجة الاعتبار.
والمرسلة : ما عدا القسمين ، وهذه المصلحة ان كان معها مفسدة راجحة
__________________
١ ـ الاسراء / ٣٦.
٢ ـ يونس / ٣٦.
٣ ـ في نسخة : تحتيما.