وأما غد فأصله غدوة ، وقد جاء ذلك في الشعر ، قال :
وما الناس إلا كالديار وأهلها |
|
بها يوم حلوها وغدوة بلاقع |
فإن قيل : فلم جعلتم التصغير دلالة على أن أقل الأسماء حروفا ما كان على ثلاثة أحرف إذا كان الاسم مما يصغر؟ قيل له : لأن الاسم إذا صغر فلابد من ضم أوله وفتح ثانيه ، وتلحق ياء التصغير ثالثة ساكنة ويقع الإعراب على ما بعدها ، فلابد ضرورة من حرف يأتي بعد ياء التصغير يقع الإعراب عليه فالحاجة إلى ثلاثة أحرف داعية لا محالة الحرف أول للضم والثاني للفتح والثالث بعد ياء التصغير ، فهذا معنى قوله : (رابعة فصاعدا) إذا كانت الهمزة لا تكون زائدة إلا وبعدها ثلاثة أحرف أو أكثر فإذا كان بعد الهمزة حرفان أو أحرف كانت أصلية ، والحرف نحو : أكل وأصل وأمر وأجل وإبل وإطل وما أشبه ذلك. والحرف نحو أب وأخ ، وإنما صارت أصلية لأن الحاجة داعية إلى تتميم حرف الاسم بها إذا كان مبنى الاسم لا يكون أقل من ثلاثة أحرف. وإذا كان في أول الاسم أو الفعل ألف وصل وكان بعد الألف حرفان أو أكثر فالألف زائدة نحو ألف ابن واسم واست وارم واغر وما أشبه ذلك لأن هذه الألف دخلت لسكون ما بعدها من قبل أن الابتداء بساكن لا يمكن فدخلت هذه الألف ليتوصل بها إلى النطق بساكن فإذا كان بعدها كلام سقطت من اللفظ كقولك : بابنك ولاسمك فضيلة ورأيت اسمك يفصل الأسماء ، فهي زائدة على كل حال ، فإذا كان بعدها حرفان علم أنه قد سقط منه حرف لا محالة ويرده التصغير ، كقولنا : ابن واسم واست ، إذا صغرتها رجع الحرف الساقط كقولنا بني وسمي.
وقد تزاد الهمزة غير أول إلا أن زيادتها غير أول قليل لا يطرد فيها ولا يقع عليها حكم كزيادتها في شأمل وشمأل وذلك أنك تقول : شملت الريح فتسقط الهمزة فعلمت أن الهمزة زائدة ، والقياس المطرد في زيادتها أن تكون مبتداة وفي غير الابتداء لا يحكم عليها بالزيادة إلا بثبت.
وذكر سيبويه بعد زيادة الهمزة زيادة الألف ثانية وثالثة ورابعة وخامسة وذلك حكم الألف إذا وجدت في اسم وفيه ثلاثة أحرف سواها قضي عليها بالزيادة حتى يدل دليل على أنها أصلية ، وذلك لأنها وجدت زائدة كذلك بالمحنة التي تمتحن بها الزوائد من الأصل ، فقضى عليها بالزيادة لذلك.
فأما الألف في عماد وعطشى ومعزى فيدل على زيادتها سقوطها من أصول هذه الكلمات ، لأنه من العمد والعطش والمعز ، وأما الجلبلاب ونحوه مما الألف فيه خامسة فقد عهد في أشياء كثيرة من هذا النحو زيادتها ، فحمل الباب عليه كالألف في حبنطى