مضى هذا ، وإذا كانت الواو مكسورة في أول الكلمة جاز قلبها كقولنا في وسادة إسادة ، وفي وفادة إفادة ، قال الشاعر :
إلا الإفادة فاستولت ركائبنا |
|
عند الجبابير بالباساء والنعم (١) |
ولا يجوز قلبها في الحشو إلا في شيء جاء شاذا ، لا يجوز في طويل طئيل ، ولا في محاول محائل وذكر بدل الألف فقال : " تكون بدلا من الياء والواو إذا كانتا لامين في رمى وغزا".
وقد ذكرنا هذا البدل ، وكذلك" إذا كانتا في وضع العين" من القول ، وكذلك باع وقال. وإنما وجب هذا القلب من قبل أنهم لو لم يقلبوا لزمهم ما يستثقلون ، وذلك أنك لو قلت في قال قول ، وفي باع بيع فصححته للزمك أن تقول في المستقبل يقول ويبيع ، فتسثقل الضمة على الواو ، والكسرة على الياء ، فلما استثقلت الضمة على الواو وألقوها على ما قبلها فقيل تقول ، وكذلك ألقوا الكسرة على ما قبل الياء فقيل : يبيع ، فلما لزم في المستقبل ما ذكرنا من إلقاء الضمة والكسرة من الواو والياء على ما قبلهما وتسكينهما وجب ذلك في الماضي فألقيت من الماضي حركة الواو والياء وهي العين من الواو وقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها ، فقيل قال وباع ، وكذلك مستقبل غزا ورمى لو صحح لقيل يغزو ويرمي فتستثقل الضمة على الياء والواو فيسكنان ، فلما سكنتا في المستقبل وتبعتا ما قبلهما سكنتا في الماضي وتبعتا الفتحة التي قبلهما فقلبتا ألفين ، ثم تبع الاسم في ذلك الفعل ، وإن كان الاسم لا يتصرف ، فقيل : دار وناب وقفا ورحى فاعرف ذلك وذكر بدل الهاء.
فقال : " تكون بدلا من التاء التي يؤنث بها في الوقف ، كقولك : هذه طلحة".
الأصل في هذه الهاء التاء ، لأن التأنيث بالتاء لا بالهاء ، والدليل على ذلك أن تأنيث الفعل بالتاء فقط في الوصل والوقف ، وكذلك الجمع بالألف والتاء ، كقولك : قامت وذهبت ، والمسلمات والهندات ، فإذا قلت تمرة ومسلمة جعلتهما تاء في الوصل وهاء في الوقف ، والأصل التاء وإنما جعلت هاء من قبل أنهم أرادوا الفصل بين الاسم والفعل ، ألا ترى أنه ينون وتدخله ياء النسبة ولا يكون ذلك في الفعل ، وإنما اتسع بعض النحويين فقال : هاء التأنيث وليست للتأنيث هاء في الحقيقة ، إنما هذه الهاء بدل من التاء التي ذكرنا.
قال : " أبدلت الهاء من الهمزة في هرقت وهمزت".
يعني أن الأصل أرقت وأمرت الرجل ، وأبدلوا الهاء من الهمزة وقد أبدلوا أيضا من
__________________
(١) البيت لتميم بن مقبل انظر ديوانه ٣٩٨.