في ضارب والواو في كوثر والياء في سعيد ، لأنك إذا اعتبرت أحمر وجدت الفعل الذي تصرف منه أحمر يحمر ، لتجد الهمزة ساقطة في يحمر ، وتجد أيضا المصدر الذي هو مأخوذ منه الحمرة وليس فيها همزة.
وإذا اعتبرت ضارب علمت أن الأصل فيه ضرب والفعل ضرب يضرب ، وليس فيه ألف بعد الضاد. وإذا اعتبرت معنى كوثر وصرفته رأيت الواو ساقطة منه ، لأن معناه الكثرة ، وذلك أن الكوثر هو الكثير الفضائل قال الشاعر :
وأنت كثير يا ابن مروان طيب |
|
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا |
أراد بكوثر كثيرا. واعتبرت" سعيد" وجدته من السعادة وفعله سعد وليس فيه ياء. وأما الخروج عن الأمثلة فهو أن ترد الكلمة وفيها بعض الزوائد وليس لها تصريف ولا اشتقاق ، غير أن ذلك الحرف الذي يمكن أن يكون أصلا متى جعلنا ، أصلا لم يكن له نظير في الأمثلة الأصيلة التي ذكرناها من كلام العرب ، من ذلك نرجس يمكن قبل الاعتبار أن تكون زائدة ، ويمكن أن تكون أصلية ، غير أنا متى جعلنا النون أصلية صارت الكلمة على فعلل وليس في الكلام فعلل على مثال جعفر ، فعلم بأن النون ليست بأصلية إذ كان ذلك يخرج الكلمة عن الأمثلة الصحيحة ، ومثل ذلك قرنفل وكنهبل يمكن أن تكون زائدة ويمكن أن تكون أصلية ، إلا إنها إذا جعلت أصلية صارت الكلمة فعلل مثل سفرجل ، وليس في الكلام نظير لذلك ، فجعلنا النون زائدة فصار قرنفل فعنلل ، وكنهبل فنعلل ، فإن قيل : فإن فنعلل وفعنلل ليس في كلام العرب من حيث يقوم عليه الدليل الصحيح ، كما ليس في كلام العرب فعلل مثل سفرجل ، فما جعل أحد الدعوتين أولى من الأخرى؟ فإن الجواب في ذلك وبالله التوفيق أنه متى وردت علينا كلمة وفيها حرف زائد إذا جعلناه أصليا خرجت الكلمة عن الأمثلة الصحيحة التي لا زيادة فيها ، وعن الأمثلة التي فيها الزيادة ، فالأولى أن نجعلها زائدة ، وذلك أنا رأينا الأمثلة الصحيحة قليلة محصورة وهي التسعة عشر بناء التي ذكرناها والأمثلة التي ذكرها سيبويه من أبنية الأسماء بالزوائد أكثر من أن يؤتى عليه لكثرته وانتشاره ، فكأن الزوائد أولى به ، وحمله على الكثير أقرب. وأما الحمل على النظير فهو أن تمتحن الحروف في بعض المواضع فيعلم أنه زائد ، وتكثر زيادته في ذلك الموضع وبالاشتقاق. فإذا ورد عليك الحرف في مثل ذلك الموضع ولا اشتقاق له قضي عليه بالزيادة حملا على ما قد عرف بالاشتقاق ، من ذلك أنا اعتبرنا الهمزة في أوائل