فضيلته ، ولذلك لا يختار إدغام الطاء في التاء ؛ لأن الطاء مطبقة فيكره ذهاب إطباقها بإدغامها في التاء ، ولذلك كان أبو عمر يقرأ (بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ) [المائدة : ٢٨] ، وقال : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) [النمل : ٢٢] ، (فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) [الزمر : ٥٦] ، ونحوه يدغم الطاء في التاء ، ويبقى منها صوتا لئلا يخل بحرف الإطباق.
قال : وتدغم اللام والنون [ ](١) لا يذهب بفضيلة لهما من تفش ولا غيره كقولك : هل رأيت ، ومن رأيت.
قال سيبويه : والشين لا تدغم في الجيم لاستطالة مخرج الشين ورخاوتها حتى اتصلت مخرج الطاء فصارت منزلتها منها نحو من منزلة الفاء مع الباء فاجتمع فيها هذا والتفشي فكرهوا أن يدغموها في الجيم كما كرهوا أن يدغموا الراء فيما ذكرت لك ، وذلك قولك افرش جبلة.
قال أبو سعيد : قد ذكرنا من حال الشين المانع من إدغامها في الجيم ما يغني عن الاحتجاج له ، وتدغم الجيم في الشين كما أدغخمت اللام والنون في الراء ؛ لأن الأقل تفشيا يدغم في الأكثر تفشيا.
قال : فهذا تلخيص لحروف لا تدغم في شيء يعني الهمزة ، والألف وحروف لا تدغم في المقاربة يعني الميم والراء والفاء والشين. وقد مضى ذلك مشروحا.
قال سيبويه : ثم نعود إلى الإدغام في المقاربة التي تدغم بعضها في بعض إن شاء الله.
الهاء مع الحاء كقولك : أجبه حملا ، والبيان أحسن لاختلاف الحرفين ، وأن حروف الحلق ليست بأصل للإدغام اقلبها.
قال : والإدغام عربي حسن لقرب المخرجين ، وأنهما مهموسان ، قال : ولا تدغم الحاء في الهاء كما لا تدغم الفاء [ ](٢) إلى حروف الفم كان أقوى على الإدغام يعني على الإدغام فيه مثل امدح هلالا وهذا كله بين.
قال : ولا تدغم العين مع الهاء كقولك : اقطع هلالا والبيان أحسن فإن أدغمت لقرب المخرجين حولت الهاء حاء لأن الأقرب إلى الفم لا يدغم في الذي قبله فأبدلت مكانها أشبه الحرفين بها لكيلا يكون الإدغام في الذي فوقه ، ولكن في الذي من مخرجه ولم يدغموا الهاء في العين ، وإن كانت أقصى من العين واشتركتا في حروف الحلق لأنها حالفتها
__________________
(١) كشط بالأصل.
(٢) كشط بالأصل.