وقد أدغم أبو عمرو هاءات سبيلهن أن يوصلن بواوات نحو قوله (إِلهَهُ هَواهُ) واللفظ به الههو هواه بين الهاءين وأوصله للواو الأولى فأصله بينهما قبل الإدغام.
فإن قال قائل : وهل يجوز إدغام حرف بينه وبين الذي أدغم فيه واو قيل له ذلك غير ممتنع من جهتين إحداهما أن هذه الواو الصلة لا أصل لها في لام الفعل ولا غير ذلك ، وإنما أدخلت بتكثير اللهاء ولذلك لا يوقف عليها ؛ فلما أراد الإدغام أسقطها كأنه جعل إدغام الهاء بمنزلة الوقف عليها إذا كان الإدغام يوجب السكون كما أن الوقف يوجب السكون ، والوقف على الهاء يسقط الواو والجهة الأخرى أن يكون أبو عمرو ذهب في هذه الحروف إلى من ضم الهاء من غير صلة أنشدنا أبو بكر قال أنشدني محمد بن الجهم عن الفراء :
إن ابن كلاب وابن أوس فمن يكن |
|
قناعة مغطيا فإني لمجتلي |
فلم يصل الهاء من قناعه وضمها وأما الياء فإن أبا عمرو كان يدغمها في مثلها إذا سكن ما قبلها ، أو تحرك كقوله (الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ) و (مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) و (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ).
وذكر أبو بكر عنه (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) واستقبحه لأن هذه الياء إذا أدغمت في ياء سكنت ولقيتها ياء أخرى من كلمة أخرى وحكم الياء الساكنة في آخر كلمة إذا لقيتها ياء من كلمة أن لا تدغم فيها وذلك في نحو (فِي يَتامَى النِّساءِ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) لا يجوز إدغام ياء في ياء يتامى بإجماع وكذلك يدع ويفصل بينها وبين هي يومئذ بأن الياء الساكنة من في قد نطق بها ساكنة منفردة فحصل فيها كسر ما قبلها وسكونها فصارت بمنزلة الألف وقوله فهي منفردة لم يحصل فيها سكون الياء منطوقا به قبل الإدغام ، وإنما بالإدغام صارت ساكنة وليس السكون مع الإدغام كالسكون المنفرد ألا ترى أنا نقول في ميزان وميثرة موزان وموترة وهو الأصل ؛ الواو الساكنة غير المدغمة إذا كان قبلها كسرة انقلبت ياء وإن كانت مدغمة لم تنقلب ياء كقولهم : اعلولط وأخروط لأن الواو الساكنة بعد الكسرة لم تنفرد فيلزمها القلب وكذلك الواو إذا كانت متحركة فأدغمت في مثلها نحو هو والذين وهو والملائكة لو كانت الواو نطق بها وحدها ساكنة ما جاز إدغامها كقوله (قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) و (آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) لا يجوز الإدغام في ذلك بإجماع لأنه قد حصل فيها مد قبل الإدغام لا يجوز إبطاله فتأمل ذلك إن شاء الله.