وأنا أمشى الدّ ألي حوالك
ولا يلحقون الألف ، وهذا لا يكون إلّا مطلقا إلّا أنهم يريدون الوقف.
وقال هؤلاء
بشبّان يرون القتل مجدا |
|
وشيب في الحروب مجّربين (١) |
فسكن بعد الياء ، لأن هذا لا يدخله تنوين في وجه من الوجوه.
وأما :
تسف الجلّة الخور الدّرينا
فالدرين اسم فيقفون عليه بالألف لأنه لو لم تكن هذه الألف واللام كان منونا ، وكل ما كان كذلك ألحقوا الألف في وقفه فيقول هؤلاء :
أقلّي اللوم عاذل والعتابا
لأنه إذا لم يكن بالألف واللام كان منونا ، فلذلك ألحقوا الألف في السّكت.
قال أبو سعيد : وأما قوله : لأن الشعر وضع للغناء والترنم ، " فهو من أصح الكلام وذلك أن الغناء يحتاج إلى ألحان موزونة ونغم منظومة تكرر على مقادير من الحروف وبسبب لا يختلف فلا يجوز أن يحمل ذلك إلّا كلام موزون يكون قدر بعضه إلى بعض معروفا ، ولو لا ذلك ما احتيج إلى المنظوم ، وهذا في جميع الألسنة ما أرادوا الترنم به والغناء من الكلام كان موزونا ، ومنهم من يلزم حرفا بعينه مع الوزن ، ومنهم من يعتمد على اتفاق الوزن ومقدار الحروف وإن لم يقف على حرف معلوم ولو لا أن الكتاب لا يحتمل لأطلته أكثر من هذا ، فلما كان موضوع الشعر للغناء والترنم احتاجوا إذا ترنموا إلى الحروف التي يمد فيها الصوت وهي الألف والواو والياء ، وهذه الحروف مأخوذة من الحركات ، فجعلوا ما كان مفتوحا من الحروف فتتبع فتحته الألف ، وما كان مضمونا تتبع ضمته الواو ، وما كان مكسورا تتبع كسرته الياء لامتداد الصوت في هذه الحروف ، فإن قال قائل : كان موضوع الشعر للغناء والترنم فلم جاز أن يكون في الشعر مقيد؟ قيل له : يجوز أن يكون الترنم به قبل حرف رويّه ، لأنه ليس جميع حروف البيت يقع عليه المدّ والنغمة ، وإنما تقع النغمة والتمديد ببعضه على حسب الطريق الذي يسلكونه فيه ، وعلى أنه قد روي عن العرب إطلاق الموقوف وإلحاق الوصل به ، وكذلك تحريك الهاء
__________________
(١) البيت لعمرو بن كلثوم انظر جمهرة أشعار العرب ١٤٣ ، وشرح القصائد السبع ٣٩٩.