" فإذا ألحقتها الهاء كثرت لأنها تقوى وتصير عدتها ثلاثة أحرف. فأما الأفعال التي على حرفين فنحو خذ وكل ومر ، وبعض العرب يقول أو كل فيتم".
ولا أعلم أحدا حكاه غير سيبويه في هذا الموضع ، وقد كنت ذكرت في أول الكتاب بيتا فيه أوخذ. وأما أومر فمستعمل كثير ، ومنه قوله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ)(١) ، ومن قال في خذ وكل أوخذ وأوكل كمن قال في غد غدو على الأصل ، وهذا الذي ذكره على حرفين في الأسماء والأفعال هو جميع ما جاء في كلامهم محذوفا من هذا الضرب.
" فإن كان شذ شيء فقليل ، إلا أن تلحق الفعل علة مطردة في كلامهم ، فتصيره على حرفين في موضع واحد ، ثم إذا جاوزت ذلك الموضع رددت إليه ما حذف منه ، وذلك قولك : قل وإن تق أقه".
وللمعارض أن يقول : لم قلت أن خذ وكل ومر إنما لحقه الحذف في الأمر وإن كان الفعل ماضيا أو مستقبلا فلا غير الأمر لم يلحقه حذف ؛ لأنك تقول أمر يأمر وأكل يأكل ، والفصل بينهما ما ذكره سيبويه أن هذه الأفعال لا يحذف من مثلها ما حذف منها ، ولا يطرد في غيرها الحذف ، لا تقول في أجر يأجر وأمل يأمل : جر ومل ، كما تقول في كل ما كان على مثل قال يقول ما قلت في قل ، تقول : قم وجز ورم في رام يروم ، وكذلك أخوات أن تق أقه.
قال : " وما كان فيه الهاء من الأسماء على حرفين أكثر مما لم تكن فيه الهاء ، لأنه قد قوي بالهاء نحو : قلة وثبة ولثة وشية وشفه وزنة وعدة وأشباه ذلك".
وما كان فيه الهاء من الثلاثة أكثر مما حذف منه حرف ، لأن التمام هو الأصل.
قال : " ولا يكون شيء على حرفين صفة حيث قل في الاسم وهو الأول الأمكن".
يعني أن الاسم قبل الصفة وهو أمكن منه ، فلما قل فيه ما هو على حرفين فجاء منه أحرف" معدود" لم يقع شيء منه في الصفة.
قال : " وقد جاء على حرفين ما ليس باسم ولا فعل كالفاء والواو ، وهو على حرفين أكثر لأنه أقوى ، وهو في هذا أجدر أن يكون ، إذ كان يكون على حرف ، وسنكتب ذلك بمعناه إن شاء الله".
__________________
(١) سورة طه ١٣٢.