ان المصلوب هو المسيح بما مكروا «ما لهم به من علم الاتباع الظن ..»! واما كيف مكروا؟ (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) تلمح انهم دلوا عليه حيلة وغيلة.
والمكر في أصله سعي بالفساد في خفية ومداجاة ، وهو هو في الماكرين الضالين من الخلق ، وهو المقابلة بعملية خافية عدلا وجزاء وفاقا من الله إصلاحا لما أفسد الماكرون.
وقد يروى ان المسيح مع تلاميذه كانوا في غرفة منعزلة عن بأس اليهود المتربصين به دائرة السوء فدلهم واحد منهم او من اليهود وهو «يهودا أسخر يوطي» (١) على مكانه فالقى الله شبهه عليه فصلب بديلا عنه ، ورواية الصلب المفصلة عائدة الى آية النساء ، وعندها قول فصل حول تلك المحاولة الماكرة وما مكرهم الله ذودا عن ساحة المسيح (عليه السلام).
هنا «شبه لهم» دون «عليهم» لئلا يخيل إلينا انه مجرد شبهتهم في قتله او
__________________
(١) اتفقت النصارى على أن يهوذا الأسخر يوطي هو الذي دل على يسوع المسيح (ع) وكان رجلا عاميا من بلدة «خريوت» في أرض يهوذا ، تبع المسيح وصار من خواص أتباعه وحوارييه الاثنى عشر ومن الغريب أنه كان يشبه المسيح في خلقه كما نقل (جورج سايل) الإنكليزي في ترجمته للقرآن فيما علقه على سورة آل عمران ، نقل وعزى هذا القول إلى (السيرنثيين والكربوكراتيين) من أقدم فرق النصارى الذين أنكروا صلب المسيح وصرّحوا بأن الذي صلب هو يهوذا الذي كان يشبهه شبها تاما.
أقول : في كون يهوذا من الحواريين وأنه كان يشبه المسيح (ع) نظر ، حيث ان الحواريين ممدوحون في القرآن وموحى إليهم في الإيمان بالمسيح فهم رسل المسيح من قبل الله لا يتطرق إليهم أي فسوق فضلا عن تلك الخيانة الكبرى.
ثم «شبه لهم» صريحة في حدوث تلك الشبهة ، فتنافى كونه شبيهه خلقا.
فالظاهر أنه كان من اليهود الذين دخلوا بين المؤمنين غير الحواريين ، فمكر مكره ومكر الله والله خير الماكرين.