وخامسة هي شهود الله ببصيرة القلب وحقيقة اليقين وكما يروى عن رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اعبد ربك كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك.
وسادسة هي شهود العراقيل ، وتحمّلها في سبيل الدعوة ، أماهيه من شهادات لابقة لائقة بمن هو من أنصار الله.
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ٥٤.
«ومكروا» هؤلاء الذين كفروا وأحس عيسى منهم الكفر ، دون الحواريين ـ وعوذا بالله ـ إذ هم حقا آمنوا بالله كما وصدقهم الله ، فانما الماكرون هم الكافرون من اليهود حيث اشتروه بثمن بخمس دراهم معدودة وسلموه ـ فيما زعموه ـ الى الصليب ، وكما يندّد بهم في الآية التالية (وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ويعظم موقف الحواريين (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ...).
لقد اغتالته اليهود ليقتلوه ويصلبوه بمكر مكروه (وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (٤ : ١٥٩).
وتراهم كيف مكروا؟ وليس القتل والصلب مكرا إلا تخفيا واغتيالا!؟.
(وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) في القدر المعلوم مما تعنيه تبين (وَمَكَرَ اللهُ) أنه ألقي صورة المسيح على ما كره فصلب بديلا عنه ورفعه الله ، فليس الرفع الجاهر مكرا ، انما هو بعد إلقاء صورة المسيح على ما كره ورفعه خفية ف «شبه لهم»