الناكرين المكذبين ، فإما تقبّله ببرهان أم دخول في لعنة الله على الكاذبين.
ولقد دعى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذين كانوا يحاجونه في قصة المسيح (عليه السلام) الى اجتماع حاشد من أعز الملاصقين من الجانبين ، ليبتهل الجميع الى الله في دعاء قاصع قاطع ان ينزل لعنته على الكاذبين فخافوا العاقبة وابو المباهلة (١) وتبين الحق واضحا وضح الشمس في رابعة النهار.
ولأن الابتهال هو التأكد في الدعاء ـ من البهل : الدعاء ـ وليس إلّا في مسرح الاضطرار ، ولا أحق من حق الله عند اهله ـ حين ينكر ويكذب ولا ينفع الدليل ـ ان يستجاب في ابتهال وقد وعد الله المضطرين الاجابة (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).
__________________
ـ حكيم عن أبي مشرق (مسروق) عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت : إنّا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز وجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فيقولون نزلت في أمراء السرايا ، فنحتج عليهم بقوله عز وجل (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ...) فيقولون : نزلت في المؤمنين ونحتج عليهم بقول الله عز وجل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فيقولون : نزلت في قربى المسلمين ، قال : فلم ادع شيئا مما حضرني ذكره من هذا أو شبهه إلّا ذكرته فقال لي : إذا كان كذلك فادعهم إلى المباهلة قلت : وكيف أصنع؟ قال : أصلح نفسك ثلاثا ـ وأظنه قال : صم واغتسل ـ وأبرز أنت وهو إلى الجبان فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ثم أنصفه وابدأ بنفسك وقل : اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة إن كان أبو مسترق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء وعذابا أليما ، ثم رد الدعوة عليه فقل : وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ثم قال لي : فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه.
(١) الدر المنثور ٢ : ٣٩ ـ أخرج عبد الرزاق والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : لو باهل أهل نجران رسول الله (ص) لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا.