وما أبلغه حجة ان يباهلهم بعد برهانه المبين ، تعريضا عريضا على كذبهم دونه بجمع «الكاذبين» تأكيدا أنهم هم جمع النجرانيين دونه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ كان واحدا في تلك المجابهة مهما حمل معه حسنيه وفاطمته وعليّه (عليهم السلام) تأكيدا للحجة وإيضاحا للمحجة.
ذلك! وكما أن في «ونجعل» دون «ونسأل» تأكدا بنزول اللعنة لا محاله ، ولم يكن إحضار هؤلاء الأربعة كنماذج عن الباقين ، وإلا لكان المفروض إحضار اقل الجمع من كلّ من الثلاث ، ولكن الجمع الأول اختص في مسرح المباهلة بحسنيه والجمع الثاني بفاطمته والجمع الثالث بعليّه مما يدل على حصر تلك الأهلية فيهم وحسرها عمن سواهم.
__________________
ـ والقاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك فلما رجعوا قالوا للعاقب ـ وكان ذا رأيهم ـ يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لكان الاستئصال فإن أبيتم إلّا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم وكان رسول الله (ص) خرج وعليه مرط ... ثم قالوا يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك فقال (ص) فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين فأبوا فقال (ص) فإني أناجزكم القتال فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألف حلة : ألفا في صفر وألفا في رجب وثلاثين درعا عادية من حديد فصالحهم على ذلك وقال : والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.
قال : وروي أنه عليه السلام لما خرج في المرط الأسود فجاء الحسن (ع) فأدخله ثم جاء الحسين (ع) فأدخله ثم فاطمة ثم علي عليهما السلام ثم قال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وليطهركم تطهيرا ، واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث.