ومن الطريف حوار بين الامام الرضا (عليه السلام) والمأمون حيث قال : ما الدليل على خلافة جدك علي بن أبي طالب؟ قال : آية أنفسنا ، قال : لولا نساءنا قال : لولا أبناءنا (١).
فقد عنى المأمون ب «لولا نساءنا» انها دليل كون الأنفس هم كل الذكور بقرينة المقابلة فليسوا هم عليا فحسب ، فأجاب «لولا أبناءنا» ان لو عني ب «أنفسنا» الذكور لشملت الأبناء ، فإفراد الأبناء دليل اختصاص «أنفسنا» بذكور خصوص ، وهو رجل خاص : علي (عليه السلام) ، حيث حمل كل نفسيات الرسول في شخصه الشخيص ، فلو كان هناك انفس للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يمثلونه لم تكن إلّا عليا (عليه السلام) الذي هو بدوره نفس الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلا في رسالته ، فلا دور لما أورده بعض المجاهيل على انطباق أبناءنا على الحسنين لمكان التثنية ونساءنا وأنفسنا على فاطمة
__________________
(١) ومثله ما في حقائق التأويل للسيد الشريف الرضي ص ١١٢ قال : ومن شجون هذه المسألة ما حكي عن القاسم بن سهل النوشجاني قال : كنت بين المأمون في ديوان أبي مسلم بمرو وعلي بن موسى الرضا عليهما السلام قاعد عن يمينه فقال لي المأمون يا قاسم أي فضائل صاحبك أفضل؟ فقلت ليس شيء منها أفضل من آية المائدة فإن الله سبحانه جعل نفس رسوله (ص) ونفس علي واحدة فقال لي : إن قال لك خصمك : إن الناس قد عرفوا الأبناء في هذه الآية والنساء وهم الحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام وأما النفس فهي نفس رسول الله (ص) وحده بأي شيء تحبيبه؟ قال النوشجاني : فأظلم عليّ ما بينه وبيني وأمسكت لا أهتدي بحجة فقال المأمون للرضا (ع) ما تقول فيها يا أبا الحسن (ع) فقال له : في هذا شيء لا مذهب عنه قال : وما هو ، قال : هو أنه رسول الله (ص) داع ولذلك قال الله سبحانه : (فَقُلْ تَعالَوْا ...) والداعي لا يدعو نفسه إنما يدعو غيره ، فلما دعا الأبناء والنساء ولم يصح أن يدعو نفسه لم يصح أن يتوجه دعاء الأنفس إلّا إلى علي بن أبي طالب (ع) إذ لم يكن بحضرته ـ بعد من ذكرناه ـ غيره ممن يجوز توجه دعاء الأنفس إليه ولو لم يكن ذلك كذلك لبطل معنى الآية ، قال النوشجاني : فانجلى عن بصري وأمسك المأمون قليلا ثم قال له يا أبا الحسن إذا أصيب الصواب انقطع الجواب.