يحملون الأعمال وتلقوني بالدنيا تحملونها فأصد عنكم بوجهي ثم قرأ هذه الآية (١).
فصاحب الطاعة اولى بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من صاحب القرابة ، والجامع بينهما أولى من صاحب الطاعة ، كما وان القريب العاصي أغرب من الغريب العاصي وكما قال الله في نساء النبي : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ .. يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ، وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً).
وانها ضابطة ثابتة على مدار الزمن الرسالي ، أن الأصل في الأولوية إيجابية وسلبية هي الطاعة إيجابية وسلبية ، ثم تزيدها القرابة بدرجاتها درجات أم دركات.
وهذه الصورة الوضائة المشرقة هي ارق صورة للتجمع الانساني لمجمع واحد ، تمييزا له من القطيع ، صورة تسمح بتلك الوحدة العريقة غير الوهيدة دون قيود إلا ما يختاره الإنسان من صالح العقيدة والعملية.
فبامكان الإنسان أيا كان أن يغير عقيدته وعمله من طالح الى صالح او من صالح إلى طالح فيدخل نفسه في صالحين ام طالحين ، وليس بامكانه ان يغير لونه وميلاده ونسبه ، مهما كان يملك ان يغير لغته او شغله او طبقته بصعوبة ، فتبقى الحواجز ـ إذا ـ سارية المفعول لولا عامل الوحدة العقيدية التي يقرب كل غريب ويغرب كل قريب.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٤٣ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن الحكم بن ميناء أن رسول الله (ص) قال : يا معشر قريش: ...