(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٦٩)).
(وَدَّتْ ... لَوْ) تحيل ذلك الإضلال المرتجى (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) و «لا يضلون» في ودهم هذا (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) حيث يتضاعف ضلالهم وعذابهم بما ودّوا (وَما يَشْعُرُونَ) أنهم (ما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ).
ذلك وحتى (لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) إن لم تقوموا بشرائط الايمان فإضلالهم راجع بالنتيجة إلى أنفسهم حيث يزدادون جزاء وفاقا : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) (٢٩ : ١٣) (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (١٦ : ٢٥).
ففيما لا يضل منكم بإضلالهم فالحصر حقيقي دون ريب ، إذ ظلت محاولة الإضلال فاشلة إلّا في أنفسهم إذ يزدادون ضلالا ، وفيما يضل البعض ، فليس الراجع الى المضلّل إلّا ضلال إلى ضلال ، والمضلّل إنما ضل بسوء اختياره ، فالحصر نسبيّ والخاسر الأصيل هو المضلّل ف (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (٤١ : ٤٦) (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) (٣٠ : ٤٤).
ذلك! ولان ذلك الودّ المضلّل ليس عن إيمان بباطلهم وكفر بحقهم وإنما حسدا وليكونوا سواء : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) (٢ : ١٠٩) (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً) (٤ : ٨٩).
ومن إضلالهم إياهم قولتهم : أنتم تؤمنون بموسى والمسيح كما نحن مؤمنون فما هو برهانكم على رسالة محمد ونحن به كافرون؟ والجواب أننا نؤمن بالمسيح الذي بشر بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا المسيح الله او ابن الله