وان لم يعن منه ما تعنيه فهو خارج عن المقسم ، وقد تجمع الأقسام الثلاثة (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) فهي محكمة من حيث عدد الأيام والمخلوق فيها ، ومتشابهة من حيث معنى الأيام ، ومجملة من حيث عدد السماوات.
٣ إحكام الآيات كلها يعني الحكمة العالية الربانية المعمقة فيها دلالة ومدلولا وتوفيقا مع الفطرة والعقلية والواقعية الصالحة ، وتطبيقا لها محلقا على كل متطلبات الحياة الإنسانية والإيمانية ، فلا مدخل فيها لباطل ، وهذا إحكام للقرآن في كل مراحله.
ولكنه محكمة الآيات وجاه تفصيلها كما في الآية نفسها وهو إحكام قبل تفصيل ، أنها أحكمت في نزولها الأول على قلب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ليلة القدر ، فالمحكمات والمتشابهات في مرحلة التفصيل كلها محكمات في مرحلة الإحكام.
واما (كِتاباً مُتَشابِهاً) فقد يعني تشابها لا يقابل هذا الإحكام ، فهو تشابه آياته كلها للمعني من المحكم النازل ليلة القدر ، وتشابهها مع بعض البعض في قوامة التعبير لأعلى قمم الفصاحة والبلاغة ، وتشابهها بتلائمها مع بعض البعض حيث يفسر بعضه بعضا وينطق بعضه على بعض ، ورابع هو تشابهها مع بعض في التدليل على وحيها آيات بينات من عند الله العزيز الحكيم ، وخامس تتشابه فيه مع قضية الفطرة والعقلية والواقعية الصالحة على مدار الزمن ، وكذلك كل تشابه هو قضية كونها من عند الله ذا نسق واحد في جزالة النظم وإتقان الأسلوب في كل حقول الهداية الى الصراط المستقيم : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
فهذه وتلك تقرر ان إحكاما وتشابها يحلقان على القرآن كله ، وآية