التقسيم تقسم تفصيل الكتاب المتشابه إلى محكم ومتشابه ، عناية منهما غير ما يعنى فيهما ، ومنها إحكام المدلول حيث يتضح لبساطته ، ثم تشابهه ـ على وضوح الدلالة ـ لعلوّ المعنى وتشابه اللفظ مع ما يعنى منه غير ذلك المعنى ، لا قصورا في الدلالة ، إنما لعلو المعنى.
٤ لو قال «هن أمهات الكتاب» لذهب البال والخيال الى ان كل واحدة منها هي ام لكل الكتاب ، رغم ان كلّا ام لمتشابهها الخاص ، ام جملة منها لجملة أخرى ، دون ان تكون كل واحدة اما للكتاب ، فلا أن كل محكمة ام لكل المتشابهات ، ولا لأي متشابهة لا تناسبها ، وانما لكل متشابهة ام ، واحدة ام زائدة في كل من المحكمة والمتشابهة ، فصالح العبارة عن القبيلين في مختصر التعبير ومحتصرة : (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) توحيدا للأم المحكمات وسائر الكتاب المتشابهات ، فقد قوبل جمع المتشابهات بجمع المحكمات فعبر عن كلّ بصيغة الإفراد «أم الكتاب» فكما الأم واحدة كذلك الكتاب المعني منه كل المتشابهات.
إذا فمجموعة الأمهات هي كأم واحدة لمجموعة المتشابهات ، فهي اصل للمتشابهات تقدح بها فيظهر مكنونها ويستثار دفينها ، وبذلك سميت ام الإنسان اما لأنها أصله الذي منه طلع وعنه تفرع وهي ـ بعد ـ المرجع في كل سؤل وحاجة.
وقد تشابه هذه الآية آية ابن مريم وأمّه : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) فإن المعجز فيهما آية واحدة على عديد ظرفها ، فانها ولدت من غير بعل وهو ولد دون أب ولا فصال بينهما في تكوّن هذه الآية ، إذ ليس كل واحد دون هذه الصلة الولادية آية خارقة.
كذلك (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) فإنها ككلّ ام للكتاب كله ، فليست كل