البشارات! نراها بعشرات وعشرات هي عشيرات للوحي الرسالي على طول الخط ، فيها نبرات الايمان والنصرة من النبيين لهذا النبي العظيم ، نذكر قسما منها بطيّات آيات تناسبها ، وقد جمعناها في كتابنا «رسول الإسلام في الكتب السماوية».
فلقد أخذ الله تعالى ميثاقا رهيبا عجيبا شهده هو وأشهد عليه أنبياءه ، طيّا لكل الفواصل زمانيا ومكانيا بين النبيين المتتابعين في مختلف الأزمنة والأمكنة ، يجمعهم في ذلك المسرح الصارح الصارخ وهو يخاطبهم «أأقررتم قالوا أقررنا ..».
ذلك المشهد الهائل الجليل يرسمه ذلك التعبير العبير ، فيجف له القلب ، وليتذكر السامعون.
وهنالك «إصري» لمكان العصبية الذاتية ، لشخص الرسول رساليا ولقومه قوميا وعنصريا ، والاتباع ككل نحلة لهم ، أماذا من عصبيات ، تراها كلها تنحني وتنمحي أمام (رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) تناكرا لكل الآصار :
(قالَ فَاشْهَدُوا) لدي ولدي أممكم (١) (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) لدى الكل.
فذلك المجيء هو غير متعود المجيء بين المرسلين ، فانه المجيء في كل حقوله ، رساليا ورسوليا : إيمانا به في الروح قبل مجيئه في الجسم ، وهذا ما يعنيه الجائي نفسه في قوله : «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» فلا يعني نبوته في علم الله إذ تعم سائر النبيين ، بل نبوته في قسم عظيم من لزاماتها وأهمها الإيمان
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٤٨ ـ أخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب (ع) في قوله تعالى : فاشهدوا يقول : فاشهدوا على أممكم بذلك وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم فمن تولى عنك يا محمد بعد هذا العهد من جميع الأمم فأولئك هم الفاسقون هم العاصون في الكفر.