عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٥ : ٣٦).
و «أولئك» الأنكاد البعاد (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) شفعاء وسواهم ـ ينفعهم نصرهم لو نصروهم.
وترى توبة المرتد الفطري كما الملي تقبل ـ ان تاب وأصلح ـ ظاهرا كما تقبل باطنا؟ طليق النص (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقتضي طليق القبول في بعدية ، فتقبل توبة الفطري ظاهرا كما الباطن كقبول توبة الملي.
فانما الموت على الكفر هو الذي يقطع التوبة عن قبولها وتحقّق مفعولها : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢ : ٢١٧).
فهناك (كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) لا تختص بالملي حيث الفطري قد يكفر بعد ايمانه كما الملي ، و «ايمانهم» هو واقعه قبل الكفر فطريا ومليا.
وكذلك هنا «عن دينه» الكائن أيا كان ، مليا او فطريا.
اجل قد لا تقبل توبة المرتد وان تاب بعد ارتداده مليا او فطريا ، وهو المكرّر لارتداده المستزيد في كفره : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) (٤ : ١٣٧).
وذلك لضخامة كفره ووخامته ، حيث لا يجبرها شيء ، و «لم يكن» نفي مؤكد مؤبد لا يقبل اي استثناء ابدا (١).
__________________
(١) السيد الشريف الرضي في حقائق التأويل لمتشابه التنزيل ص ١٦١ وقد روي أن هذه الآيات نزلت في قوم ارتدوا مع الحارث بن سويد ابن الصامت الأنصاري ولحقوا بمكة ثم راجع الحارث الإسلام ووفد إلى المدينة فتقبل النبي (ص) توبته فقال من بقي من أصحابه على الردة : نقيم بمكة ما أردنا فإذا صرنا (عدنا) إلى أهلنا رجعنا إلى المدينة وأظهرنا التوبة فقبلت منا كما قبلت من الحارث قبلنا.