والقدر المعلوم من عدم قبول التوبة هو الموت على الكفر :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) (٩٠).
فازدياد الكفر بعد الارتداد عن إيمان دليل العناد في اللّاإيمان فهم المضلّلون ـ إذا ـ لكتلة الايمان و (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) لأكيد الكفر المعاند ، المضلل للبسطاء.
وليس يعني (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) ـ فيما يعنيه ـ ازدياد الزمان إلى وقت الموت ، حيث تتكفله الآية التالية لها.
فكما لا تقبل توبة الكافر حين يموت على كفره ، كذلك حين يزداد كفرا بعد ارتداده ، ثم تقبل توبات الآخرين على شروطها :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٩١).
فاستحالة الملكية ل (مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) واستحالة الافتداء به لو ملك ضنّة بتلك الثروة الهائلة ـ وقد سئلوا ما هو أيسر من ذلك فضنوا (١) ـ ثم وعدم قبولها منهم لو افتدوا ، ذلك المثلث من الاستحالة يفسر قدر الإحالة في «لن» ف (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ
__________________
ـ بالذي يخصص الآية بنفسه فإنما العبرة بعموم الآية دون خصوص المورد ، ولو كان الحكم مختصا بالمرتد مليا لاختص به نصا أو ظاهرا.
(١) المصدر ـ أخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردوية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس عن النبي (ص) : قال يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به؟ فيقول : نعم فيقال : لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك وذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ...).