لهؤلاء المضللين بما ارتدوا عارفين : (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٣٣ : ٦٨) ، وسائر الكفار ايضا يلعنونهم يوم الدين ويتلاعنون : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (٢٩ : ٢٥) (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها ..) بل ويوم الدنيا حيث يلعنون الضالين مهما حسبوهم انهم المؤمنون ، ولكن اللعنة تجد واقع موردها كما يشاء الله.
وحتى إذا عرفوا أنهم أنفسهم الضالون ولكنهم بتأييدهم الكفار يلعنونهم واقعيا حيث يزدادونهم عتوا ونفورا.
(خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٨٨).
(خالِدِينَ فِيها) : في ثالوث اللعنة ، في نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) وكما لا يستزاد ، وإنما هو جزاء العدل الوفاق قدر الكفر الواقع ، خلودا يضاهي خلود الكفر (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) حين الحكم بالعذاب فلات حين مناص وقد فات يوم خلاص.
ذلك للذين لم يتوبوا عما ارتدوا ولم يصلحوا ما أفسدوا بما ارتدوا :
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٨٩).
«تابوا» إلى الله (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الارتداد المضلّل «وأصلحوا» ما فسد تحت وطأته ، إصلاحا لأنفسهم الماردة ولأنفس الآخرين الشاردة عن الإيمان بما ارتدوا (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٤٩ ـ أخرج جماعة عن ابن عباس قال : كان رجل من الأنصار فأسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم ندم فأرسل إلى قومه أرسلوا إلى رسول الله (ص) هل لي من توبة فنزلت : «كَيْفَ يَهْدِي اللهُ» ـ إلى قوله ـ (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فأرسل إليه قومه فأسلم.
أقول : وأخرج جماعة مثله في أشخاص آخرين ، وليس مورد النزول وهم كلهم من المرتدين مليا ، ـ