كيف يأكل لحم الإبل وقد حرمه إسرائيل ، فيجيب القرآن انه من إسرائيل كان تحريما خاصا على نفسه وقائيا ، من قبل أن تنزل التوراة ، ثم التوراة حرمه عقوبيا ومن ثم أحله فيما أحله المسيح (عليه السلام) واستمر الحل في الإسلام.
وفي نظرة ثانية إلى الآية نقول (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) استثناء منقطع لأن إسرائيل ليس داخلا في بنيه ، ولا ما حرمه على نفسه داخلا في عموم التحريم ، فقد يلمح انقطاع الاستثناء باستغراق الحل في «كل الطعام».
ثم (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) يصح تعلقها بكلّ من «كان حلا» و (إِلَّا ما حَرَّمَ) والجمع أجمع والاول أوقع إذ «كان» هو أصل الكلام والاستثناء ـ ولا سيما المنقطع كما هنا ـ فرع لا يأخذ زمام المتعلقات إلا ضمنيا إذا صح المعنى.
إذا ف (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا ... مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) فليست المحرمات التوراتية أبدية ، ومنها عقوبية يدل عليه حلّها قبل نزول التوراة وبعد نزول الإنجيل وكما في متى : ٣ : ٤ انه يحل لحم الجمل ولبس وبره وجلده.
كما و (كُلُّ الطَّعامِ ... إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) حسما لزعم أن التوراة حرمت ما حرمه إسرائيل.
(قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في زعم استحالة النسخ وأبدية التوراة ، وأن محرمات فيها عقوبية لبغيهم (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) وهم كاذبون في رغم الحرمة الأبدية لما حرم فيها ومنها لحم الإبل حيث كانوا ينددون بالرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كيف يأكل ما حرمته التوراة كشرعة أبدية دائمة.
و «إسرائيل» هي في أصلها العبراني «ييسرائل» : عبد الله ، ولكن