من (بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) بيوت العبادة (١) فالواضع هو الله ، والموضوع لهم هم كل الناس ، فلا بيت يضعه الناس ، بالإمكان ان يوضع لكلّ الناس دونما اختصاص.
إلّا انه يشمل بيوت الناس بجنب بيوت الله ، فهو الأول زمانا إذ وضعه الله للناس قبل كل وضع وموضوع له ، حين دحى الأرض من تحتها.
إن مكان البيت هو الأم لسائر الأمكنة الأرضية ، كما مكة هي أم القرى من الناحية الرسالية ، فللبيت بمكانه أمومتان اثنتان ، فهو «أم القرى» في كافة الجهات ، حيث دحيت كل شرعة إلهية ـ كأصل ـ منها ، كما دحيت الأرض كلها من تحتها.
والوضع هنا تكويني وتشريعي ، و «للناس» تعم جميع الناس طول الزمن الرسالي ، مطافا للطائفين وقبلة للمصلين ، وكما نرى قبور النبيين وسائر الصالحين قبل الإسلام تجاه الكعبة المباركة دونما استثناء ، في القدس نفسه وفي الخليل ودمشق ولبنان وايران أم أيا كان من بلاد تضم قبور هؤلاء الكرام ، وكما حجه النبيون اجمع (٢) فهذا أقدس بيت على الإطلاق ، فان واضعها هو الله
__________________
ـ العرب من جرهم ثم هدم فبناه قريش فقد يعني من المتأخر عن بيوت عمارة البيت لإمكانه (رواه في البرهان ١ : ٣٠١ عن ابن شهر آشوب عنه (ع) وأخرجه السيوطي عن ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الشعبي عنه (ع) والرازي في تفسيره ٨ : ١٥٤ والأزرقي في أخبارمكة ١ : ٦١ و ٦٢ عنه (ع) بوجه أبسط.
(١) الدر المنثور ٢ : ٥٣ ـ أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله (ص) أي مسجد وضع أوّل؟ قال : المسجد الحرام ، قلت : ثم أي؟ قال : المسجد الأقصى ..
(٢) في روضة المتقين ٤ : ٩٧ قال أبو جعفر (ع) أتى آدم (ع) هذا البيت ألف أتية على قدميه منها سبعمائة حجة وثلاثمائة عمرة وكان يأتيه من ناحية الشام والمكان الذي يبيت فيه الحطيم ...