اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ...) (٢ : ١٩٦).
(مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ..)
«من» هنا بدل عن «الناس» إذا فالناس المستطيعون إليه سبيلا هم المعنّيون بفرض الحج ، وهل إنه أمر بفوره فور استطاعته لوقته فلا يجوز تسويفه دون عذر؟ طبعا نعم! فإنه قضية أصل الأمر ، ولا سيما المحدّد بالاستطاعة الحاصلة ، فليؤدّ فورها لموسمه.
وهل تكفي حجة الإسلام مرة واحدة طول عمر التكليف؟ طبعا نعم! فلو كانت فرضا أكثر منها أم كل سنة ما دامت الاستطاعة لصرحت بها الآية ، والآتي بها مرة مستطاعة لم يكفر بها عمليا إذ حققها ، فلا تندد به (وَمَنْ كَفَرَ) و (حِجُّ الْبَيْتِ) ليست لتدل على اكثر من مرة واحدة ، إلا إذا صرحت الآية أو صرحت به السنّة ، والرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول جوابا عن سؤال : «أفي كل عام يا رسول الله؟ لو قلتها لوجبت ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا أن تعملوا بها ، الحج مرة فمن زاد فتطوع» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٥٥ ـ أخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : خطبنا رسول الله (ص) ، فقال يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام ... وأخرج مثله باختلاف يسير أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم عن علي (ع) قال : لما نزلت (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ ..) قالوا يا رسول الله (ص) ... ـ بزيادة ـ فأنزل الله : لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم.
وفيه أخرج عبد بن حميد عن الحسن قال لما نزلت «ولله ..» قال رجل يا رسول الله أفي كل عام؟ قال : والذي نفسي بيده لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها ولو تركتموها لكفرتم فذروني ما وذرتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم واختلافهم عليهم فإذا أمرتكم بأمر فأتمروه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فاجتنبوه.