والاستطاعة هي طلب الطوع عقليا وعقلائيا وماليا وأمنيا من صحة وحفاظ عرض ونفس وسواهما من النواميس الخمس ، وأمن طريق ، أمّا ذا من طوع دون عسر ولا حرج ، لا في طريق الحج قبله ولا في مناسكه ولا في رجوعه ، بحيث لا يتعسر او يتحرج بسبب الحج.
فمادة الوجوب هنا هي استطاعة سبيل إلى حجّ البيت ، وطبعا دون عسر ولا حرج ، وليس تفسيرها بالزاد والراحلة في المستفيضة المروية عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأئمة اهل بيته (عليهم السلام) ، إلا تفسيرا بالأكثرية الساحقة من مصاديق الاستطاعة حيث القلة القليلة هم المستطيعون دون زاد حاضر وراحلة ، بل المشاة هم السابقون في آية الحج على الرّكب : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ...) (٢٢ : ٢٧) (١).
إذا ف «حجة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين ولقد كان أكثر من حج مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مشاة» (١) وليس من عنده زاد وراحلة إلا ممن يستطيع الحج ، لا أنه المستطيع لا سواه (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٥٦ أخرج تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة عن الرسول (ص) الدارقطني والحاكم وصححه عن أنس عنه (ص) ومثله عن الحسن وعائشة وابن مسعود عنه وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه (ص) وجابر بن عبد الله عنه (ص) وعن علي (ع) عنه (ص) في الآية قال : تجد ظهر بعير.
وقد روى أصحابنا بطرق عدة عن أئمة أهل البيت تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة وكذلك تخلية السرب وصحة البدن ، ودور الراحلة هو الأكثرية الساحقة من استطاعة السبيل إلى الحج فلا تستغرق كل المستطيعين.
(٢) جامع أحاديث الشيعة ١٠ : ٢٥١ صحيحة معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال : نعم إن حجة الإسلام واجبة ... ولقد مر رسول الله (ص) ـ