حقيقية بحذافيرها في كل صغيرة وكبيرة.
وليس ل (حَقَّ تُقاتِهِ) حدّ يتصور ، فكلما أوغل القلب في هذه السبيل تكشفت له آماد وآفاق وجدت له أشواق ، في تيقظ من شوقه الى درجات فوق ما ارتقى.
وقد يروى عن أحق الأتقياء في (حَقَّ تُقاتِهِ) ـ «ان يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى» (١) و «لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه» (٢).
إذا فبادروا العمل وخافوا بغتة الأجل فانه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق ما فات اليوم من الرزق رجى غدا زيادته وما فات أمس من العمر لم ترج اليوم رجعته الرجاء مع الجائي واليأس مع الماضي ف (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٣).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٧٦ عن معاني الأخبار باسناده إلى أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية قال : «يطاع ولا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر».
وفي تفسير البرهان عن ابن شهر آشوب عن تفسير وكيع عن عبد خير قال سألت علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله «يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حتى تقاته ...» قال : والله ما عمل بها غير بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نحن ذكرناه فلا ننساه ونحن شكرناه فلا نكفره ونحن أطعناه فلم نعصه فلما نزلت هذه الآية قال الصحابة لا نطيق ذلك فأنزل الله : فاتقوا الله ما استطعتم.
أقول : لا نطيق ـ ان صح ـ يعني تلك الدرجة المعصومة من التقوى ، فالآية الثانية بيان ل (حَقَّ تُقاتِهِ) انه على قدر الاستطاعة فلا يكلف غير المعصوم بتقوى المعصوم.
(٢) المصدر اخرج الخطيب عن أنس قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : ...
(٣) نور الثقلين ١ : ٢٧٦ عن نهج البلاغة قال (عليه السلام) : ...