وحفرتها إلا فاصل الموت ، وقد شبه هنا المشفي ـ بسوء عمله ـ على دخول النار ، بالمشفي ـ لزلة قدمه ـ على الوقوع في النار ، استعارة لطيفة ما ألطفها : «أفمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم» (٩ : ١٠٩) وضمير التأنيث في «منها» راجع الى ثالوث : شفا ـ حفرة ـ من النار ـ إذ نجّاهم الله منها كلها ، او ان (حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) تعم النارين ، فالأولى هي العقبات السوء الى الاسوء فالأسوء ، حيث المجتمع المبني على شتات القلوب والأهواء ليس ـ على أية حال ـ إلّا في نار هي شفا حفرة من نار هي أحرّ وأشجى ، حتى يسقطوا في هوات النار الأخرى.
فالحياة اللّاايمانية ، بل والايمانية غير المعتصمة جميعا بحبل الله ، إنها حياة رذيلة على أشراف سقطات في حفر النيران ، اللهم إلّا اعتصاما بحبل الله جميعا (بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) و (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
فيا لها نعمة ما أعظمها إن يخرجوا منها الى غيرها ويا لها مصيبة إن لم يؤمنوا بها فيرغبوا عنها (١) ، ولقد أنقذنا الله تعالى من نار الدنيا والآخرة بحبله المتين القرآن المبين والرسول الأمين ، ولعمر محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم تنزل «محمد» في لفظ التنزيل (٢) مهما كان واردا في واقع التأويل.
فحياة التكليف غير المعتصمة بحبل الله جميعا هي (شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ)
__________________
(١) المصدر عن كشف المهجة لأبن طاوس عن امير المؤمنين (عليه السّلام) حديث طويل يقول فيه : وأما الآية التي عم بها العرب فهو قوله : (واذكروا نعمة الله عليكم ...) فيا لها ...
(٢) المصدر في روضة الكافي بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في الآية ... فأنقذكم منها محمد هكذا والله نزل بها جبرئيل (عليه السّلام) على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)!.